15.7.10

خطوات عملاقة صغيرة، روضة السالمي


منذ أربعين عاما وبالتحديد يوم 20 جويلية 1969، استقبل القمر ولأوّل مرّة في تاريخه ضيفين أرضيين نزلا من مركبة "أبولو 11" وراحا يخطوان الخطوات الأولى على سطحه، كانت بالفعل خطوات صغيرة ولكنها عملاقة في نفس الوقت. فقبل هذا التاريخ كان القمر جرما صغيرا قصيا ورمزا للأحلام والجمال وكل ما هو بعيد المنال، وبعد استكشافه ونزول كلّ من نيل أرمسترونغ وإدوين ألدرين على سطحه تلاشى لغزه الذي حيّر الإنسانية منذ الأزل، وظهرت حقيقته الملموسة للعيان على شكل جرم قاحل، خال من الهواء، ومجرد صخرة غير مضيافة مليئة بالحفر والفوهات البركانية.
لقد أنزلت رحلة "أبولو 11" القمر من عليائه وبدت الأرض من على سطحه صغيرة، وزرقاء، ومتلألئة، وأثبتت هذه الرحلة أن الخيال العلمي أوسع بكثير من الخيال الشعري، وأن علم الفلك أكثر خيالا ورومانسية من الفن، وأنّ تنامي شعور الإنسان بالضآلة أمام الكون المترامي الأطراف سيثير الفضول والرغبة في المعرفة لديه. فبفضل تطوّر العلوم وتقدّم التكنولوجيا أصبحنا اليوم نتحدّث عن عديد المحطات الفضائية ومئات الأقمار الاصطناعية، وعشرات المسابر فائقة التطوّر التي تجوب النظام الشمسي على شكل مركبات آلية تسير فوق المريخ تلتقط الصور وتحلّل التربة بحثا عن إمكانية لإثبات فرضية قدرته على احتضان البشرية بعد أن أصبحت الأرض مهددة بعديد المشاكل البيئية، أو على شكل مقاريب ضخمة تسبر أعماق الكون في محاولة لإيجاد آثار حياة بعيدة. غير أنّ أملنا الوحيد يكمن في الحفاظ على كوكب الأرض الذي ليس لدينا في الوقت الحالي مكان آخر نلجأ إليه، فروّاد "أبولو 11" لم ينبهروا بالنجوم من موقعهم البعيد عن الأرض، بل قالوا في كلمات حفّزت الوعي البيئي بأن كوكب الأرض كان جميلا وهشّا...

هناك تعليق واحد:

يوم الشريط الوثائقي التونسي 30 مارس 2024 بمدينة العلوم بتونس

  انطلاقا من دورها في المساهمة في تطوير ونشر الثقافة العلمية والتكنولوجية، وفي إطار برنامجها السنوي لعام 2024، وانطلاقا من أهمية الأشرطة الو...