9.9.10

انقراض الكائنات الحية


انقراض الكائنات الحية

بقلم: روضة السالمي، مستشارة صحفية

تعتبر دراسة الانقراض من العلوم الحديثة نسبيًّا وهي تعنى بدراسة أسباب هذه الظاهرة من خلال دراسة الأحفورات والطبقات الرسوبية. ويتفق جميع العلماء على أن كلّ الكائنات الحية على وجه الأرض بداية من الكائنات الدقيقة إلى الثدييات العملاقة، مرورًا بالنباتات والأسماك والإنسان ومختلف البيئات من أنهار وبحيرات وغابات ممطرة، هي عرضة للانقراض بسبب الكوارث الطبيعية، أو الأنشطة البشرية. وبحسب العلماء فإن سيناريو الانقراض يبدأ بالتقلّص التدريجي لقدرة بعض الكائنات من نباتات وحيوانات على التكاثر إلى أن تتوقّف هذه القدرة نهائيا. وعندما يموت آخر فرد قادر على التكاثر من فصيلة ما، فإن ذلك يعني الانقراض التام واستحالة ظهور هذه الكائنات مجدّدا. وبحسب علماء الأحياء والجيولوجيا والأحفورات، فقد شهد كوكب الأرض منذ بداية الحياة على سطحه، أي منذ حوالي الأربعة بلايين سنة، بعض الانقراضات الكبرى التي حدّدت نهاية حقبة من الزمن وبداية حقبة أخرى.
وتعدّدت الفرضيات حول الأسباب الكامنة وراء انقراض أصناف معينة دون أخرى، فهنالك من العلماء من يرى بأنه قد يكون نتيجة الأوبئة، أو الحساسية الشديدة تجاه النباتات الزهرية وحبوب لقاحها، في حين يعتقد فريق آخر من العلماء أن مذنّبا، بلغ قطره حوالي 10 كيلومترات، قد ارتطم بمنطقة Çhicxulub في شبه جزيرة ياكوتان بالمكسيك منذ 65 مليون سنة، أي في أواخر العصر الكريتاسي، وانجرّت عنه سحابة ترابية حجبت نور الشمس لمدة 6 أشهر، مما تسبّب في تغيّر البنية المناخية والجغرافية على الأرض. وأدى تغيّر معدل الأوكسجين، وهبوط درجات الحرارة، وتوقّف التمثيل الضوئي إلى موت النباتات، وبموتها لم تجد الحيوانات ما تأكله فانقرضت، ولم ينجو من الكارثة سوى الحيوانات الصغيرة كالحشرات والديدان التي أمكنها العيش على جثث الحيوانات أو النباتات المتحلّلة. ثمّ ظهرت أنواع أخرى حيوانية ونباتية أكثر تكيفاً مع الشروط البيئية لتحل محل المنقرضة وتعمّر الأرض بما في ذلك الإنسان العارف (Homo sapiens) الذي ظهر منذ بضع مئات الآلاف من السنين وتسبّب في عملية الانقراض الجماعي المعاصرلأنواع عديدة من الحيوانات والنباتات بسبب أنشطته التي لا تحترم مبادئ التنمية المستدامة، والتي قد تؤدي إلى تعريض حياته هو نفسه إلى الخطر، ووضعه في صدارة القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض، التي أنشئها سنة 1963 الاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة ومواردها( IUCN)، شأنه شأن فيل الماموث، ودب الباندا، وطائر الدودو المنقرض، والأوك العظيم، وبط لبرادور، والموّة، والحمام المهاجر، وبقرة ستلر البحرية، والغواجا إحدى أنواع من الحمر الوحشية، وحصان برزيفالسكي، والبيسون الأُوروبي، التي انقرضت في البرية ولكنها حُفظت في الأسر أو في حدائق مفتوحة...
المصادر: http://www.arab-ency.com، http://ar.wikipedia.org، http://www.iucnredlist.org

ديناصورات شمال إفريقيا تنفض عن نفسها الرمال


 بقلم روضة السالمي، مستشارة صحفية

تطالعنا، من حين لآخر، وسائل الإعلام المختلفة بما في ذلك المواقع الإخبارية على شبكة الانترنات، بخبر عن عثور البعثات العلمية، على مستحثات وأحافير هياكل عظمية وآثار أقدام لمخلوقات عملاقة عاشت قبل ظهور الإنسان بملايين السنين، وعمّرت كلّ أصقاع الأرض بما في ذلك شمال القارة الإفريقية، وبالتحديد المناطق الصحراوية الحالية التي كانت قبل ملايين السنين منطقة خضراء وارفة الظلال والأنهار. وفي الواقع، غالبا ما تثير مستحثات هذاه المخلوقات الضخمة، والتي صاغ اسمها السير ريتشارد أوين Sir Richard Owen سنة 1842، الدهشة والفضول، وتنمي الرغبة في تعميق المعرفة بتلك المخلوقات التي استوطنت الأرض قبل ظهور الإنسان، والتي نُحت اسمها من كلمتين هما العظاءة ((δεινός(داينوس) الرهيبة ((σαρο (سوروس). وقد أصبحت اليوم الأحافير العظمية لهذه المخلوقات كنزا جيولوجيا تزدهي به واجهات عديد المتاحف في مختلف بلدان العالم بما في ذلك متحف "ذاكرة الأرض" بولاية تطاوين بالجنوب التونسي، حيث كان لاكتشاف أحافير هذه الزواحف الضخمة بشننى والدويرات وغمراسن وقع كبير على الأهالي الذين لم يكونوا يتوقّعون أن تخرج من رمال الصحراء التي يطئونها بأقدامهم ويعيشون بين كثبانها رسالة من الماضي السحيق على شكل مستحثات عظام وأسنان كركارودونتوزوروس (Carcharodontosaurus saharicus)، هذا الديناصور اللاحم الذي يُطلق عليه اسم "السحلية بأسنان القرش"، والذي دلّت مستحثاته على كبر حجمه، وبيّنت طوله الذي تراوح بين 8 و14 مترا، ووزنه ما بين 7 و8 أطنان. كما لم يتوقّع أهالي الجنوب التونسي، أن يكون ما اعتقدوه غضونا متعرّجة في الصخور الرملية، آثار خطوات متحجّرة لسبينوزوروس ( (Spinosaurus Aegypticus‏أو "السحلية الشائكة"، هذا الديناصور الضخم، قوي الفكّين وحادّ الأسنان، والذي يقتات على غيره من الديناصورات ضئيلة الحجم والأسماك الكبيرة التي كانت تزخر بها هذه المنطقة الصحراوية الحالية، ويصل طوله إلى 18 مترا ويزن 4 أطنان، ويتميّز بوجود شراع من الأشواك العظمية على ظهره والتي يصل طولها إلى 1.8 متر. كما كشفت الرمال بقايا الاغوانودون (Iguanodon)  أو "أسنان الإيغوانا" التي كانت ترقد بسلام مختفية تحت الكثبان، إلى أن نفضت عنها البعثات العلمية غبار التاريخ، وكشفت النقاب عن هذا الديناصور العاشب الذي بلغ طوله 9 أمتار، وقدّر وزنه بحوالي 4 أو 5 أطنان، والذي يمشي على أربعة أقدام ويستطيع الوقوف على قدمين ليتناول أوراق الأشجار، ويعيش في شكل قطعان قرب السباخ التي كانت في تلك الحقبة منتشرة في هذه المنطقة.
ولئن كان عمر الإنسان يقدّر بآلاف السنين، فقد سادت الديناصورات الأرض حوالي 170 مليون سنة، بدءاً من العصر الثلاثي المتأخر (أو العصر الترياسي Triassic Period أي قبل 230 مليون سنة) حتى نهاية العصر الطباشيري (الكريتاسي Cretaceous period أي منذ 65 مليون سنة)، وحسب عديد النظريات العلمية اندثرت هذه المخلوقات العملاقة تماما مع نهاية العصر الطباشيري أي منذ حوالي ‏65‏ مليون عام. ولئن تعدّدت تفسيرات العلماء حول سبب هذا الاندثار الفجائي والشامل، فقد سادت نظرية علمية تبنّت فرضية اصطدام نيزك ضخم بالأرض، انجرّ عنه انتشار الغبار الذي حجب ضوء الشمس لسنوات عديدة، وأحدث سلسلة طويلة من الزلازل المدمّرة، والانهيارات الأرضية القارية، واندفاع أمواج المدّ البحري، مما عرّض النظم البيئية البريّة والبحرية للتدمير، باستثناء النزر القليل الذي تمكّن من التأقلم. ومع انقراض الديناصورات أخذت أنواع جديدة في الظهور وعادت الحياة تدريجيا إلى الأرض، إلى أن ظهر الإنسان، وفي رحلته المعرفية والفكرية ليحدّد مكانته في الكون، تعثّر بمستحثات ديناصور، الشيء الذي جعله يعيد النظر في حجمه الحقيقي، وفي احتمال مواجهته لنفس مصير الديناصورات.‏

يوم الشريط الوثائقي التونسي 30 مارس 2024 بمدينة العلوم بتونس

  انطلاقا من دورها في المساهمة في تطوير ونشر الثقافة العلمية والتكنولوجية، وفي إطار برنامجها السنوي لعام 2024، وانطلاقا من أهمية الأشرطة الو...