12.12.11

مؤتمر الإتحاد العربي العاشر لعلوم الفضاء والفلك

تستضيف الجمعية الفلكية العمانية في سلطنة عمان مؤتمر الإتحاد العربي العاشر لعلوم الفضاء والفلك الذي يعقد بالتعاون مع وزارة النقل والإتصالات و الإتحاد الفلكي الدولي(IAU) ومكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي (UNOOSA) ومجلس البحث العلمي وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا NASA ) ووكالة الفضاء الأوربية (إيسا ESA) والشبكة البينية الإسلامية لعلوم الفضاء والتقنية بإذن الله في الفترة من 12-15 ربيع الأول 1433هـ الموافق 5-8 فبراير/شباط 2012م في مسقط بسلطنة عمان. تحت شعار :

" دور علوم الفلك والفضاء في تطوير المجتمعات المعاصرة"

الإتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك (AUASS) هيئة فلكية فضائية عربية غير ربحية وأحد الاتحادات النوعية التابعة لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية التابع للأمانة العامة لجامعة الدول العربية، مقره مدينة عمان في المملكة الأردنية الهاشمية ، تأسس رسمياً سنة 1998.



للتسجيل بالمؤتمر إضغط هنا http://www.falakoman.org/10thAUASSconf/Registration.aspx?i11s1



8.12.11

تقديم كتاب "قراءة أولية في تاريخ علم الفلك الغربي"

قرأت لكم كتاب "قراءة أولية في تاريخ علم الفلك الغربي"
إن ما رأيناه هو حقيقي وما لم نره هو أكثر حقيقة

سلسلة: تاريخ العلوم
العنوان: تاريخ علم الفلك الغربي
المؤلف: لودوفيك سالنيكيار Celnikier, Ludwik Marian، عالم فلك فيزيائي بمرصد ميدون بفرنسا (l'Observatoire de Meudon)، مدير أبحاث بالمركز الوطني للبحث العلمي (CNRS)
تقديم: جون كلود بيكار Picard, Jean-Claude أستاذ مبرّز قسم الإعلام والاتصال، جامعة لافال Laval، كندا
تاريخ الإصدار: أفريل1996
عدد الطبعة: الثانية
دار النشر: دار التقنية والتوثيق بباريس TEC DOC
عدد الصفحات: 392
الحجم: 13,5 سم x 21 سم
الرقم الدولي المعياري للكتاب (ISBN): 9782743000905

كثيرة هي الكتب العلمية التي نشرها الباحثون والعلماء، إلا أن أغلب هذه الكتب والبحوث العلمية لا تقرأ سوى للضرورة العلمية والفضول المعرفي. وما يبقى في الذاكرة حقا من هذه الكتب هو ما يمس الإحساس ليصل إلى العقل... ينتمي هذا الكتاب الذي أحدثكم اليوم عنه، إلى هذه الفئة من الكتب القريبة إلى القلب والعقل معا. ففي مقاربة لودوفيك ماريان سالنيكيار لتاريخ علم الفلك نجد أنه توصل إلى إيجاد ذلك التناغم المطلوب بين ما هو علمي وما هو اجتماعي ثقافي وفني. إذ تتميز مقاربته بتعدد مشاربها وتنوع فضاءاتها المعتمدة على الاستقراء الموضوعي وعلى البحث التاريخي، ومن خلال ذلك، وبأسلوب مغاير تماما لما هو سائد، يلقي الكاتب ضوءا كاشفا على تعاقب التفسيرات التي أعطيت للظواهر في الكون والفضاء وعلى الآراء المسبقة التي كونت نواة تلك التفسيرات وعلى الوسائل التقنية المتبعة في العلوم الأخرى... عن كل ذلك إذن يتحدث هذا الكتاب متوجها إلى كل الذين يهتمون بأصول نظرتنا إلى الكون والتغيرات المذهلة التي حدثت على مستوى وسائل وطرق البحث والاستقراء العلمي للظواهر الفلكية في السنوات الأخيرة والآفاق المفتوحة للتكنولوجيات الحديثة.
وثراء هذه الطبعة الثانية من تاريخ علم الفلك الغربي التي صدرت بعد الطبعة الأولى بعشر سنوات يكمن في أن كاتبه اتبع التطور الطبيعي في البحوث العلمية الذي تم تحقيقه في ربع قرن من الزمن. إنه وبكل بساطة يتحدث عن تطور الفكر العلمي الفلكي الذي بدأ في العصور القديمة بدءا من البحث عن روزنامة للزمن يمكن الوثوق بها وانتهاء بغروب القرن العشرين من خلال البحث عن المادة الناقصة في أحجية الكون. لا يحتوي هذا الكتاب على وصفة سحرية تمكننا من قياس الأفكار المسبقة لعلماء الفلك اليوم بالمقارنة مع الذين سبقوهم. وعلى سؤال البداية كيف يغرق التشابه في الاختلاف، سيحصل كل من يقرأ هذا الكتاب ولا شك على إجابة خاصة به لأنه لا توجد إجابة مطلقة ولا حقيقة واحدة.
هل أخطئ حين أقول إن الكتاب ينتمي إلى فصيلة نادرة من الكتب التي يمكن أن نطلق عليها إحدى هاتين التسميتين كتب العلم الفني أو الفن العلمي. ستطرحون على أنفسكم ربما نفس السؤال بعد أن تطلعوا عليه. الكثير من الشعر والنثر ومقاطع من كتابات غنية بالحكمة تجعل لهذا الكتاب العلمي نفسا شاعريا مفعما بالطفولة.. وماذا ينبغي لي أن أقوله في كتاب علمي يبدأ بمقطع من أغنية عاطفية هذا نصها:
ماذا يتبقى من حبنا ؟
ماذا يتبقى من تلك الأيام الجميلة ؟
صورة، صورة عتيقة، لشبابي.
ماذا يتبقى من الرسائل المعطرة، من أشهر أفريل، من المواعيد ؟
ذكرى ما تنفك تلاحقني
سعادة آفلة، شعر يذروه الريح
قبلات مختلسة، أحلام تتحرك...
ماذا يتبقى من كل ذلك، قولوا لي...*
وما رأيكم في هذه الطفولة المتسللة إلى أسئلة لودوفيك ماريان سالنيكيار والتي تستفز فضولك منذ البداية ببساطتها وبديهيتها. إنه يبدؤك بالكلام ويتحداك منذ الوهلة الأولى بقوله "فهل تستطيع أنت أن تقدم تعريفا للنهار أو للشهر أو للسنة أو شيئا بسيطا ومألوفا كاليوم؟ وهل بإمكانك أن تفسر لماذا نعد أربعا وعشرين ساعة في اليوم أو ستين دقيقة في الساعة؟" إنه يتحداك ويشحذ فضولك لتواصل معه الرحلة إلى نهايتها ويقول لك بنفس ا|لأسلوب المباشر وكأنه يقرأ سطور تفكيرك: " كل هذه الأسئلة طفولية بالطبع... ولكنها طفولية لأنها تغلغلت في عاداتنا منذ الصغر، إنها طفولية ولكنها أبعد ما تكون عن ذلك." ويدخلك معه في طقوس تفكيره بل ويشاركك في البحث ويحدثك وكأنه يدون يومياته في مذكرة: " نحن الآن في باريس، الساعة تشير إلى الحادية عشر صباحا، اليوم هو أول يوم في شهر أفريل من سنة 1985، أعرف أنه الاثنين ( لأن البارحة كان يوم الأحد ) أقرأ في الجريدة بأن عيد الفصح لم يعد بعيدا وأن المركبة الفضائية سترسل قريبا قمرين صناعيين للاتصالات. آه تذكرت، أعرف كذلك بأنه الصباح، لأنني استيقظت منذ ساعة تقريبا، واستنادا إلى مفكرتي أعلم أن لي موعدا بعد أربع ساعات ونصف في الطرف الأخير من المدينة." هذه الجملة البسيطة تختصر هذا الكتاب لأنها تقدم ذلك المزيج المذهل من العلم ومما هو متعارف عليه، من التقنية ومن الموروث الثقافي للحضارات الماضية. إن الكاتب هنا لا يضع الحضارات الغربية القديمة في جهة والعلم الحديث في جهة أخرى، إنه يصنع كفيزيائي العصور الماضية وصفة جديدة هي مزيج مذهل للأصالة والحداثة العلمية. ونقطة البداية في هذا الكتاب كانت مع الوقت. ويسألنا الباحث بنفس الصيغة الطفولية:" لأي غرض نستعمل الساعة والروزنامة؟ " "لنتنبأ بما سيأتي ولنخطط للمستقبل" نجيبه نحن.
بهذه الطريقة البسيطة في طرح الأسئلة يأخذنا الكاتب في رحلة عبر الحضارات القديمة لينطلق بنا نحو السماء حيث الدورات الشمسية والقمرية ثم يقف بنا عند وسائل الحساب لدى الحضارات القديمة وما تم اعتماده للرصد والممارسات الفلكية في تلك العصور. وبعد ذلك ينطلق بنا نحو مسائل تتعلق بالزمان واستعمال الروزنامة من بابل إلى مصر وصولا إلى النظام الكوني. ونحن نقرأ هذا الكتاب نتساءل ما الذي سبق الآخر: الفكر الفلسفي أم تأمل الفضاء؟ هنالك معادلة بسيطة نتوصل من خلالها إلى أن نتأكد بأن القناعات الفلسفية واستقراء الكون يكادان أن يكونا وجهان لعملة واحدة. حيث ينتصر الفكر الذي يراقب حركات الكواكب، والذي يبحث في العلاقة بين الصورة والحقيقة في سبيل إعادة الاعتبار للحواس والمظاهر وذلك لتحديد مصير النظريات الفلكية وتوحيدها في نظرية موحدة لهذا الكون ذي التكوين الهندسي انطلاقا من المنطق... في خضم حديثه عن الليل والنهار يحيلنا الكاتب إلى النظر في ألفية السبات التي مرت على الحضارات والاستفاقة التي تلتها والتي أخذت وقتا طويلا إلا أنها أوصلتنا في النهاية إلى توجهات وتعاليم جديدة لمجتمعات جديدة أصبحت فيها العين تتحرك. لقد أخصبت سنوات الشك التي سيطرت على التأملات الفلكية ما يسمى علم الفلك التطبيقي ومجموعة كبيرة من القوانين المتعلقة بالحساب وبالملاحظة، وهكذا يمكننا القول مع لودوفيك ماريان سالنيكيار بمثالية التقنية ومختلف الطرق المتبعة لدراسة الليل والضوء والكون ومكونات الفضاء وشكله ومكونات الكون والمادة وتطور الكون.. وفي نهاية المطاف لا يسعنا إلا القول بأن لكل شخص حقيقته الخاصة به، فما بين الصفر واللامتناهي تكمن قوة الحواس من إنصات ونظر ولمس وتذوق وشم وتمثل، وذلك ما يخلق شمسا جديدة وفكرا متجددا.. وبعد هذه الرحلة الممتعة مع لودوفيك ماريان سالنيكيار هل يمكنكم أن تؤكدوا أنكم تعرفون ماهية الكون ومعناه وهل هو انفجار البداية ذلك السر المحاط بالغموض أم هو محض صدفة أم لعله كون أزلي. البحث متواصل وما الكون سوى جرة مليئة بالمعضلات.
كلمة الختام
يصف ماركو بولو جسرا حجرا حجرا، ويسأله كوبيلاي خان " ولكن على أي حجر يستند الجسر؟ "، " لا يستند الجسر على هذا الحجر أو ذاك " يجيب ماركو " وإنما على الخط المقوس الذي يشكله الحجر. " يبقى كوبيلاي خان صامتا، يفكر. ثم يضيف: " لماذا تحدثني عن الحجر؟ إن ما يهمني هو الخط المقوس" يجيب بولو: " لا قوس بلا حجر ". بهذه الكلمات من كتاب " المدن المختفية " لإيتالو كالفينو يمكننا أن نلخص هذا الكتاب.

* مقطع من أغنية لشارل ترينات

ترجمة المقدّمة: روضة السالمي، صحفية علمية

21.9.11

الكيميائي والصيدلي أبو المنصور الموفق الهراوي الفارسي

شخصية لها تاريخ: أبو منصور الموفق، القرن الرابع للهجرة
رغم قلّة ما تركه الكيميائي والصيدلي أبو المنصور الموفق الهراوي الفارسي، من إنتاج مكتوب مقارنة مع بقية علماء الكيمياء العرب المسلمين، فقد أجمع المؤرخون والباحثون في تاريخ العلوم على تميّزه بالجودة والأصالة والدقة في البحث، ونسبوا إليه تأسيس علم الكيمياء الصناعية. وفي هذا الصدد يقول عنه الصيدلي البلجيكي جورج سارتون (George Sarton‏) مؤسس علم تاريخ العلوم في كتابه المدخل إلى تاريخ العلوم: "إن أبا المنصور الموفق كان علاّمة زمنه، لقد تبدَّت عبقرية الموفق أبو منصور في تجاربه وأبحاثه وامتاز عن غيره من العلماء بأفكاره التي لم يسبقه إليها أحد من قبل ، وكان ذلك مثار دهشة علماء الكيمياء المحدثين". وذكر الباحث المصري عبد الرزاق نوفل في كتابه المسلمون في العلم الحديث:"أبو منصور الموفق أول عالم كيميائي وضع الكيمياء في خدمة أغراض الإنسان". ويقول عنه الباحث جلال مظهر في فصل من فصول كتابه الحضارة الإسلامية أساس التقدم العلمي الحديث: "شهدت الكيمياء العربية في أوائل القرن الحادي عشر الميلادي عبقرية كيميائية أضافت إنجازات هامة بل هامة جداً، هذا هو أبو المنصور الموفق  وهو قد يكون أول كيماوي استطاع أن يفرّق بوضوح بين كربونات صوديوم النترون وكربونات البوتاسيوم التي أطلق عليها اسم قلي أو قلوي، كذلك كان يعرف ماهية أوكسيد الزرنيخ Arsenions Oxide  وحامض السليكات Silicic". وأورد المؤرّخ الأنجليزي إريك جون هولميارد (Eric John Holmyard) في كتابه صانعو الكيمياء بعضا من اكتشافات الموفق قائلا: "إن أبا المنصور الموفق توصل إلى معرفة أنّ مركّبات النحاس وخصوصاً الزاج الأزرق، ومركّبات الرصاص وخصوصاً الرصاص الأبيض سامة". وتبدّت عبقرية الموفق أبو منصور في قدرته على الاستفادة من تجارب من سبقه من ناحية، وربطه بين البحث العلمي ومتطلبات الحياة اليومية، حيث كان من القلائل الذين تمكّنوا من تسويق ابتكاراتهم الكيميائية لإنفاق ما يجنيه على شراء آلات وأدوات ومواد جديدة تساعده في بحوثه وتجاربه الجديدة، وقد جاء في بحث للدكتور أحمد شوكت الشطي ما نصه : "وعرف من كيميائي العرب أيضاً أبو المنصور الموفق الذي كان يحضر العقاقير ويبيعها ، ... ولهذا يمكن اعتبار الموفق مؤسس الكيمياء الصناعية، لأنه كان يصب اهتمامه على تحضير المواد التي يمكن تسويقها للناس بعد معرفة فوائدها وسلامتها". والمعروف عن الموفّق سعة اطلاعه على علوم اليونان والسريان والهند والفرس، وتأييده لجابر بن حيان في ضرورة اعتماد التجربة والاستقراء والاستنتاجات العلمية المبنية على المشاهدة والعيان. وإليه يعود اكتشاف طريقة جبر الكسور بمزج الجبس مسخّن بزلال البيض، وصنع المواد الصابغة من النحاس. كما درس الموفّق خواص الزئبق ومركّبات الرصاص، وإمكانية تحضير الأدوية بعملية التقطير والتصعيد. ومن أهمّ مؤلفاته كتابه الأبنية في حقائق الأدوية الذي يعرف كذلك باسم روضة الأنس ومنفعة النفس، وهو يعدّ أحد أهم الآثار العلمية الفارسية المؤرخة في العالم وأقدمها في علم الأدوية ويُحتفظ بها في مكتبة النمسا الوطنية. ويشتمل هذا الكتاب، المتخصص في استخراج العقاقير والأدوية، على الكثير من المعلومات عن خواص العقاقير والأدوية وطرق الحصول عليها، وهو يقدّم قرابة 585 دواء 466 منها مستخرجة من النبات، و75 من المعادن، و44 من مشتقات حيوانية.
 المرجع: موسوعة عباقرة الإسلام

9.6.11

محض الصدفة

هل تعرفون بأنكم تجدون دائما في لعبة الورق، حتى وإن كانت الأوراق مخلوطة بشكل جيد، 6 أو 7 ورقات متتالية بنفس اللون. وأن النجوم تتجمع دائما في كوكيبات. وأنكم حين تلقون بقبضة من حبوب الفاصوليا فإنها تنقسم دائما على شكل مجموعات صغيرة. وأن المتشائمين كثيرا ما يرددون عبارة بأن لكل ثنائي ثالث.

لقد تخصصت عدة كتب وأبحاث حول ما اصطلح علماء الإحصاء على تسميته بنظرية التجمع، يعني ميل الأشياء للتجمع بطرق مختلفة. ما رأيكم لو تقوموا بتجربة سهلة التطبيق وستذهل الجميع حتما بما فيهم أنتم. اقتنوا ما يكفي لملء قارورة بلورية شفافة من الحلوى الصغيرة المستديرة ذات لون أحمر وأخضر وبنفس الكمية. بعد أن تقوموا بملء الزجاجة حرّكوها جيدا حتى تتأكدوا من أن الحلوى قد امتزجت مع بعضها البعض. ستذهلون عندما تجدون أنه عوض الحصول على مزيج متجانس تحصلون على مناطق عريضة ذات لون أحمر وأخرى ذات لون أخضر.

لقد أدت هذه النتيجة المذهلة ببعض علماء الرياضيات للاعتقاد بأن هذا التجمع هو نتيجة للكهرباء الساكنة. غير أن السبب الرئيسي لذلك الانجذاب لا يعدو أن يكون محض الصدفة.

لو بدا لكم الأمر غير قابل للتصديق يمكنكم أن تقوموا بالتجربة مستخدمين هذه المرة ورقة مرسوم عليها شبكة مكونة من 20 خانة أفقيا و20 خانة عموديا. خذوا قطعة نقدية وقوموا بتلوين كل من وجهيها بلون مختلف. ثم ارموها في الفضاء وسجلوا على الشبكة بصفة مرتبة اللون الظاهر بعد كل مرة تسقط فيها العملة النقدية على الأرض. كرروا التجربة 400 مرة حتى تملؤا كل خلايا الشبكة. وفي الأخير ستحصلون على شيء شبيه بما حصلتم عليه عند استخدام الحلوى.

هنالك عوامل خارجة عن الرياضيات تتدخل في هذا النوع من التجمع. هل تعرفون بأن منظر الطريق السيارة من خلال طائرة هليكوبتر يعطي نفس التجمعات اللونية بالنسبة للسيارات المارة. تجمعات الأعشاب الطفيلية في الحديقة وأوراق اللعب ذات الألوان المتشابهة وتوزع الأيام الماطرة والعديد من الأمثلة الأخرى إنما هي نتيجة لمحض الصدفة.

سـحـر الـمـفـارقـات، مارتن غاردنر، ترجمة وتقديم روضة السالمي


31.5.11

لاستقبال رمضان، هلال واحد قد لا يكفي

مقال بقلم روضة السالمي، صحفية علمية
في أواخر شهر شعبان من كلّ سنة يطرح المسلمون في كلّ بلدان العالم، والذين يبلغ عددهم قرابة 1,6 مليار، نفس السؤال "متى نصوم رمضان؟". وككلّ سنة، تختلف الدول الإسلامية في تحديد موعد اليوم الأوّل من شهري رمضان وشوّال. ولئن تقضي هذه الدول طيلة السنة في اتفاق شبه تام على مواعيد بدايات الأشهر القمرية، فإن اختلافها يتجلى في تحديد آخر يوم من شهر شعبان وبالتالي أوّل يوم في رمضان، فتعلن دول بداية شهر الصيام بناء على الحسابات الفلكية، فيما تعلن دول أخرى بدايته بناء على رؤية الهلال.
ويمتدّ هذا الاختلاف ليشمل كيفية اعتماد الحسابات الفلكية. ففي حين يجيز البعض اعتمادها في النفي فقط، فإذا جاء من يشهد برؤية الهلال ودلّت الحسابات الفلكية على أن رؤيته مستحيلة أو غير ممكنة لا يتمّ قبول هذه الشهادة؛ هنالك من يرفض اعتماد الحساب الفلكي سواء بالنفي أو الإثبات، وتقبل شهادة كلّ من يقول برؤية الهلال، رغم نفي الحسابات الفلكية إمكانية رؤيته؛ ويجيز فريق آخر اعتماد الحساب الفلكي في النفي والإثبات، بحيث إذا ما دلّت هذه الحسابات على وجود القمر بعد غروب الشمس بوضع يسمح برؤيته كهلال، يتم الأخذ بذلك ويكون اليوم الموالي هو أول أيام الشهر الهجري دون اشتراط رؤيته بالعين المجردة. ويعتبر كلّ من البتاني (‏850‏ ـ‏929‏م‏)،‏ والبيروني (‏973 ‏ـ‏1048‏م‏)،‏ ونصير الدين الطوسي (‏1201‏ـ‏1274‏م)، من أبرز العلماء المسلمين القدماء، الذين دعوا إلى ضرورة اعتماد الحساب الفلكي في تحديد أوائل الأشهر الهجرية.
وينسب ظهور التقويم الهجري، الذي يستخدمه المسلمون لتحديد المناسبات الدينية، إلى الخليفة عمر بن الخطاب (584- 644م)، كرّم الله وجهه، الذي جعل من تاريخ هجرة الرسول الأكرم من مكة إلى المدينة، في 16 جويلية 622م، مرجعاً للتقويم الهجري، مع مواصلة اعتماد أسماء الأشهر المستخدمة منذ أيام الجاهلية.
والسنة القمرية، التي يعتمدها التقويم الهجري في غالبية البلدان الإسلامية (ما عدا جمهوريّة إيران الإسلاميّة وأفغانستان، وجزء من تقويم أم القرى التي تعتمد التقويم الهجري الشمسي)، هي المدة التي يقضيها القمر ليتمّ 12 دورة حول الأرض، مستغرقا ما يعادل 354,36667 يوماً، ويعني أذلك بأنها أقصر بقرابة 11 يوماً من السنة الشمسية المعتمدة في التقويم الميلادي. ونظراً لكون الدورة القمرية الواحدة حول الأرض (بالنسبة إلى المراقب من الأرض) تستغرق 29.530588 يوماً، فإن طول الشهر القمري يكون إما 29 أو 30 يوما.
وتتأثّر رؤية الهلال الضرورية لمعرفة بداية شهر رمضان، بعمر القمر وبعده الزاوي عن قرص الشمس، وارتفاعه عن مستوي الأفق وقت الغروب، وبعده عن الأرض، وطبيعة الظروف الجوية وشفافية الهواء‏.‏ إذ تستلزم رؤية الهلال ألا تقل زاوية ارتفاع القمر عن الأفق في لحظة غروب الشمس عن ‏5‏ درجات قوسية، وألا يقل بعده الزاوي عن الشمس ‏8 درجات قوسية‏.‏ وأجمع علماء الفلك على ضرورة صحو الطقس، وغروب الشمس قبل القمر بأكثر من نصف ساعة، حتى لا يحول ضوء الغروب رؤية الهلال بالعين المجرّدة. وعادة ما لا تتجاوز عملية رصد هلال رمضان، والتي تنطلق بعد غروب شمس اليوم التاسع والعشرين من شهر شعبان، الساعة تقريبا، بحيث يتمّ تصويب النظر في اتجاه الأفق الغربي، قرب مغطس الحاجب العلوي للشمس. وغالبا ما تصعب رؤية القمر بسبب قربه من الشمس وتأثره بالضوء الناجم عن الشفق، وصغر الجزء المضاء منه من ناحية، وارتفاع نسبة الرطوبة، وكثافة الغبار والغيوم، ووجود بناءات مرتفعة أو جبال، أو مصادر النور الكهربائي من ناحية أخرى، بما يؤثّر على وضوح الرؤية وإمكانيات الرصد.
ورغم تطوّر المناظير الفلكية، ووجود برمجيات تعتمد على المعادلات الرياضية وقادرة على تتبّع حركة القمر بفضل المراصد والأقمار الاصطناعية، وتعمل على تيسير الرؤية السليمة للهلال لحظة ميلاده الذي قد يكون ضوئه خافتا بسبب قربه من قرص الشمس وتأثّره بتلوّث الغلاف الجوّي، إلا أنّ الجدل حول كيفية تحديد أوّل أيام شهر الصيام وأوّل أيام العيد ما يزال قائما، وكأنّه طقس من طقوس الاستعداد لاستقبال شهر رمضان، ناهيك عن مناداة البعض بوجوب اعتماد رؤية قمرية واحدة لدى كلّ بلدان العالم الإسلامي ما دامت تشترك جميعها في جزء من الليل، ومناداة البعض الآخر بضرورة إتباع التقويم القمري للسعودية، ودعوة فريق ثالث بوجوب اعتماد رؤية هلال رمضان في كل بلد على حدة. وهكذا تدور الأرض حول الشمس دورة جديدة، وننسى طيلة السنة اختلافنا لنتذكّره في أواخر أيام شعبان، فكلّ رمضان ونحن متفقين على اختلافنا.
روضة السالمي، صحفية علمية

26.5.11

استنتاجات وإحصائيات

تقول الإحصائيات بأن السيارات التي تجري بسرعة متوسطة تتسبب في حوادث الطرقات أكثر من السيارات التي تتجاوز السرعة القصوى المسموح بها. فهل نفهم من ذلك بأنه ليس من الخطير تجاوز سرعة 150 كلم في الساعة؟
قطعا لا. إن نتائج الإحصائيات لا تفسر لنا العلاقة بين السبب والنتيجة. فبما أن أغلب السائقين لا يتجاوزون السرعة القصوى فإنه من الطبيعي أن تحصل أكثر الحوادث في هذه السرعة.
كما أثبتت الإحصائيات بأن نسبة كبيرة جدا من الأشخاص يموتون في المناطق الجبلية جراء مرض السل. فهل يعني ذلك أن مناخ الجبل يتسبب في مرض السل؟
العكس صحيح. فمناخ الجبل النقي هو مفيد جدا لمرضى السل. ولذلك يقصد عدد كبير من المرضى المناطق الجبلية للعلاج. وبما أن عددهم يرتفع في تلك المناطق، نتيجة لذلك فمن الطبيعي أن ترتفع بالمقابل نسبة الوفيات هنالك.
وأثبتت الإحصائيات أيضا بأن الأطفال ذوي الأقدام الكبيرة ينطقون الحروف بشكل أفضل من الأطفال ذوي الأقدام الصغيرة. فهل ترتبط القدرة على التهجئة بكبر أقدام الأطفال؟
طبعا لا. لقد اهتمت هذه الدراسة بنمو الأطفال. وبما أن الأطفال كبار السن لهم أقدام كبيرة فمن الطبيعي أن يحسنوا قراءة الحروف مقارنة بالأطفال الأصغر سنا.
سـحـر الـمـفـارقـات، مارتن غاردنر، ترجمة وتقديم روضة السالمي

10.5.11

محمد بن لاجين بن عبد الله الرماح

عاش العالم الكيميائي محمد بن لاجين بن عبد الله، الملقّب بالرماح وبالذهبي والطرابلسي، في القرن السابع الهجري - الثالث عشر الميلادي بطرابلس. وكان معروفا بولعه بالفروسية وخاصة بفنون القتال، وباستراتيجيات فتح الحصون والقلاع. وأفادته دراسته للكيمياء واطلاعه على كتب العلماء الأوّلين للتوصّل إلى اكتشاف التركيبات الكيميائية للعناصر المتفجرة المستخدمة في الحروب. فابتكر طريقة استخدام البارود في المدافع، ووصف تركيبته الكيميائية وحدّد نسب البوتاسيوم والكبريت والصوديوم والفحم.
ويعود أصل تلقيبه بالرمّاح، إلى اهتمامه الكبير بدراسة الأدوات التي استعملها العرب في حروبهم، إذ أفرد كتابا سمّاه "الرماح" تحدّثه فيه عن كيفية صنع الرمح، وبيّن مدى تأثّر نجاعته بحسب المواد المستعملة في صنعه (الخشب أو العود المعدني الأجوف)، وبحسب صفاته من حيث الطول والوزن، وشكل الأسنة والغرض منها وكيفية استخدامها. وإلى جانب هذا الكتاب، ترك بن لاجين عدّة مؤلفات في كيمياء الحروب، من أشهرها "غاية المقصود من العلم والعمل بالبنود"، و"بغية القاصدين في العمل بالميادين" الذي ألّفه خصّيصا للأمير سيف الدين الماريني أمير حلب. وفي كتابه "الفروسية والمناصب الحربية" بيّن الرمّاح أهمّية تنقية نترات البوتاسيوم من الشوائب لصنع البارود، كما وصف طرق استخدامه ومختلف استعمالاته في الحروب. وقد اعترف مؤرخو العلوم الغربيون عند اكتشافهم لهذا الكتاب بفضل العرب في اختراع الأسلحة النارية.

29.4.11

كيميايئون عرب: جابر بن حيان

نتعرّف اليوم على العالم جابر بن حيان الذي ولد، حسب بعض الروايات سنة 721م بحرّان في الجزيرة العربية، وتوفي حوالي سنة 815م. ومارس ابن حيان الطب في بداية حياته تحت رعاية الوزير جعفر البرمكي أيام الخليفة العباسي هارون الرشيد، ثم اشتغل بالكيمياء. وبعد نكبة البرامكة سجن في الكوفة وظل في السجن حتى وفاته.
وبالنظر إلى إسهاماته الكبيرة في تحقيق النقلة من الخيمياء إلى الكيمياء، أطلقت عليه العديد من الألقاب ومنها "الأستاذ الكبير" و"شيخ الكيميائيين المسلمين" و"أبو الكيمياء"، وعرف عند الأوربيين في القرون الوسطى باسم Geber. أدخل جابر بن حيان المنهج التجريبي إلى الكيمياء، ويرجع له الفضل في اكتشاف وتحضير العديد من المركبات والمواد من خلال العمليات المخبرية التي قام بها مثل التبخير، والتكليس، والتصعيد، والتقطير، والتكثيف، والترشيح، والإذابة، والصهر، والبلورة.
واكتشف ابن حيان الصودا الكاوية أو القطرون (NaOH)، وعددا من المحاليل الحمضية التي استخدمها لفصل الذهب عن الفضة (وهي طريقة ما تزال مستخدمة إلى الآن)، واستحضر ماء الذهب، كما اكتشف عددا من الأحماض كحامض النتريك والهيدروكلوريك والكبريتيك (الذي أطلق عليه اسم زيت الزاج)، كما قام بإعداد سلفيد الزئبق وأكسيد الارسين (oxyde arsénieux)، وتحضير العديد من المواد الكيميائية مثل كلوريد الفضة، وشرح كيفية تحضير الزرنيخ، والإنتيمون، وتنقية المعادن، وصبغ الأقمشة. ونجح جابر بن حيان في وضع أوّل طريقة للتقطير في العالم حيث اخترع جهازا للتقطير استخدم فيه اناء زجاجيا له قمع طويل لا يزال يعرف حتى اليوم في الغرب باسم "Alembic" (من "الأمبيق" باللغة العربية)، كما تمكن من تحسين نوعية زجاج هذه الأداة بمزجه بثاني أكسيد المنجنيز.
ومن أهم مؤلفاته كتاب "أسرار الكيمياء"، و"أصول الكيمياء"، و"علم الهيئة"، و"المكتسب"، و"الخمائر الصغيرة"، و"نهاية الإتقان"، و"صندوق الحكمة"، و"كتاب الملك، و"الخواص"، و"السموم ودفع مضارها"، و"الأحجار" بأجزائه الأربعة، و"الرحمة" الذي تناول فيه إمكانية تحويل المعادن إلى ذهب، و"القمر" ويعني الفضة، و"الشمس" ويعني الذهب، و"الزئبق"، و"الموازين"، و"المماثلة والمقابلة"، والعديد من الرسائل. وترجمت أغلب مؤلفاته إلى اللاتينية في أوائل القرن الثاني عشر، ومن اللاتينية إلى الإنجليزية عام 1678.
وظل الأوربيون، لعدة قرون، يعتمدون على كتبه التي كان لها أثر كبير في تطوير الكيمياء الحديثة، وفي هذا يقول ماكس مايرهوف (MAX MEYERHOF) المستشرق الألماني (1874-1945) المختص في التراث العلمي العربي الإسلامي: "يمكن إرجاع تطور الكيمياء في أوروبا إلى جابر بن حيان بصورة مباشرة. وأكبر دليل على ذلك أن كثيراً من المصطلحات التي ابتكرها ما زالت مستعملة في مختلف اللغات الأوربية".
روضة السالمي، تونس 2011

25.4.11

كيميائيون عرب: مسلمة المجريطي

بمناسبة السنة الدولية للكيمياء، يسرّني أن أقدّم نبذة بسيطة عن بعض العلماء المسلمين الذين أسهموا في تطوّر المعارف والعلوم.

يعتبر أبو القاسم مسلمة بن أحمد المجريطي، الملقّّب بإمام الرياضيين في الأندلس، وصاحب كتاب "رتبة الحكيم في الكيمياء" أحد أهمّ علماء الرياضيات والكيمياء والفلك في الأندلس والمغرب العربي.
ولد المجريطي بمدريد سنة 340 هـ/ 950 م وتوفي بقرطبة سنة 397 هـ/1007 م. وقد درس أبو القاسم العلوم الطبيعية والرياضة والفيزياء واطّلع على كتب من سبقوه من العلماء. وكان يعدّ حجة عصره في الكيمياء، فقد حرّر علم الكيمياء من الخرافات والسحر، ودعا إلى دراسته بطريقة علمية تعتمد على التجربة والاستقراء. وكان يرى أن الرياضيات ضرورية في دراسة الكيمياء، وأولى عناية كبيرة بالتجارب الخاصة بالاحتراق والتفاعلات التي تنتج عنه، واشتهر بتحضيره لأكسيد الزئبق.
ومن أهمّ مؤلفات المجريطي كتاب "رتبة الحكيم في الكيمياء" الذي أوضح فيه أهمية دراسة العلوم الأخرى لمن يريد الاشتغال بالكيمياء لأنها تساعده على قوة الملاحظة والتفكير الدقيق في العمليات الكيميائية، وكتاب "غاية الحكيم" الذي ترجم إلى اللغة اللاتينية في عام 1252 م تحت عنوان (Picatrix) وهو كتاب موسوعي احتوى على مقالات في تاريخ الحضارة في أقدم عصورها ومستنبطات من تواريخ الأمم الشرقية كما احتوى على مقالات في العلوم مثل الكيمياء والفلك والسحر والحيل والرياضيات. وكان لهذا العالم الكيميائي اهتمام واسع بعلم الفلك حيث درس زيج الخوارزمي وزاد عليه، وكتب رسالة في آلة الرصد المعروفة بالإسطرلاب. كما ترك المجريطي أبحاثا قيمة في مختلف فروع الرياضيات كالحساب والهندسة.
روضة السالمي، تونس 2011

22.4.11

كم هو صغير هذا العالم



 نفاجأ أحيانا عند قيامنا برحلة ما، بأن نجد صديقا مشتركا مع شخص لا نعرفه يرافقنا خلال هذه الرحلة.
لقد برهن علماء الاجتماع على أن شخصين وقع اختيارهما عشوائيا يصل معدل الأشخاص اللذان يعرفانهما إلى 1.000 شخص لكل منهما ما يعني أنه لمجموع 50 مليون ساكن هنالك إمكانية واحدة على 50.000 ليعرفا بعضهما.
وهكذا فإن نسبة التقائهما لصديق مشترك تكون من 1 إلى 50. وببساطة أكثر عندما يتم اختيار شخصين بطريقة عشوائية، نكون متأكدين تقريبا من أن الشخص الأول يعرف شخصا يعرف بدوره شخصا آخر يعرفه الشخص الثاني.
وقد أثبتت التجارب أن شبكة الصداقات تصنع روابط تجمع الأشخاص. وليس من المدهش أن شخصين من نفس المنطقة لا يعرفان بعضهما البعض ويلتقيان بعيدا يجدان أن صديقا مشتركا يجمع بينهما. وجود هذه الشبكة يفسر لنا سرعة انتشار الشائعات والنكت أو حتى الأسرار.

من باب مفارقات الإحصاء، كتاب "سحر المفارقات" لمارتن غاردنار، ترجمة روضة السالمي

16.4.11

عطر الفراولة، الجزيئات الغامضة، Le Parfum de la Fraise, mystérieuses molécules


أصدرت دار دونو للنشر Dunod سنة 2005 النسخة المترجمة عن الطبعة الثانية لـ "أجمل ما كتب عن الكيمياء" حسب تعبير صحيفة العالم الجديد The New Scientist
الكاتب: بيتر أتكينس (Peter ATKINS)، أستاذ بجامعة أكسفورد Oxford بريطانيا
عنوان الطبعة الأولى باللغة الانجليزية: Molecules
الطبعة الثانية: Atkin’s Molecules
ترجمه من الانجليزية إلى الفرنسية: جيلبارت شامبو (Gilberte CHAMBAUD)، أستاذة بجامعة مارن لافالي Marne-la-Vallée فرنسا
تقديمه إلى قرّاء العربية: روضة السالمي
الصفحات: 263 من القطع المتوسط
الصور: 47 صورة ملوّنة، دون اعتبار الرسوم البيانية
قاموس شرح المصطلحات العلمية
فهرس المصطلحات العلمية
الأبواب:
- المواد البسيطة: الهواء، والماء و الأمونياك أو غاز النشادر (Ammoniac NH3)، الضباب، التلوّث، والأمطار الحمضية
- الوقود، المواد الدهنية، الصابون: الغاز الطبيعي و الغاز النفطي المسال، البنزين والفحم، الكحول والخل، الشحوم والزيوت، الزبدة والمارغرين، الصابون ومواد التنظيف
- المبلمرات (polymères) الاصطناعية والطبيعية: المبلمرات واللدائن (plastiques)، والمطاط (caoutchouc)، ألياف البوليستار (polyesters) وأصماغ الأكليريك (résines acryliques)، والنايلون، الشعر، الصوف والحرير، السكّر، النشا، السيلولوز (cellulose)
- المذاق والرائحة: الحلاوة، الحموضة، المرارة، الحريفة، البهارات، الطزاجة، اللحم، المشاوي، الغلال والغذاء، الأزهار والزيوت الأساسية، روائح الحيوانات
- الرؤية والألوان: الرؤية، الأوراق، الجزر والبشرور (flamants roses)، الأزهار، الفاكهة والنبيذ، الكدمات، الاسمرار، لفحات الشمس
- الظلّ والضوء: المهدئات والمسكّنات، المنبّهات، المواد الضارّة
- الحياة: الجنس والتناسل.

بكلماته بسيطة وطرحه البعيد عن التعقيد والتكلّف، يغرينا بيتر أتكينس بقراءة أجمل كتاب عن الكيمياء، ويجعلنا نشعر بأننا نطالع قصّة مشوّقة وليس كتابا علميا أكاديميا. ومن خلال انتقائه لحوالي 250 جزيئة، يكشف التنوّع المذهل الذي يزخر به العالم من جزيئات ترافق كلّ لحظة في حياتنا، لتجعلها ملّونة، وذات نكهة، كما يمكنها أن تجعلها مهدّدة ومنعدمة. ومركّزا على الطبيعة الهشة والمؤقتة للجزيئات يجعلنا الكاتب نكتشف هذا الكون المدهش والقاسي في بعض الأحيان، حيث يمكن لتعديل بسيط على تركيبة بعض الجزيئات وترتيبها أن يغيّر الأشياء بصفة مأساوية، حيث يمكن أن يتحوّل الأريج والرائحة الزكية، مثلا، على إثر تفاعلات كيميائية طبيعية إلى روائح كريهة.
لقراءة هذا الكتاب الشيق يحتاج القارئ لفضول معرفي حقيقي، وبعض المبادئ الأساسية في علم الكيمياء حتى يستمتّع بالعلوم، ويعيد اكتشاف الكيمياء والكيمياء الحيوية من منظار جديد يبرز مختلف تطبيقاتها إلى جانب البعد النظري والمعادلات.
وكما ورد في مقدّمة "عطر الفراولة" فإنك عندما تمسك هذا الكتاب تمسك بالجزيئات. وعندما ترتدي ثيابك، وتحتسي قهوتك، أو تتلّذذ طعاما ما، وعندما تتأمّل جمال زهرة، أو تمعن النظر في تفاصيل مشهد ما، فأنت تتعامل مع الجزيئات. وما أنت في حقيقة الأمر سوى تجميع للجزيئات.
الجزيئات هي تنسيق معيّن للذرات مثلما يبيّنها هذا الكتاب. وإلى حدود بداية القرن العشرين، لم تكن الجزيئات سوى رموز تجريدية يستعملها الكيميائيون لوصف التفاعلات. أما اليوم، فقد تمكن العلماء بفضل التعاون المشترك ما بين الكيميائيين والفيزيائيين من تأكيد حقيقة الجزيئات. حيث كانوا في البداية، يستعملون طرقا غير مباشرة للتأكّد من وجود هذه الكمية الضئيلة من المادة. ثم استعملوا طرقا أكثر تطوّرا للوصول إلى ما حلموا به منذ وقت طويل، صور غير قابلة للدحض أو المجادلة للجزيئات والذرات.
يحاول هذا الكتاب أن تظهر جزءا صغيرا مما تمّ اكتشافه. حيث يتناول الجزيئات التي نتنفّسها، والتي نرتديها، ونأكلها، ونحرقها، والتي تحيط بنا. وبما أن هدف الكتاب هو الكشف، من خلال الصور، عن تنوّع الجزيئات مع حدّ أدنى من الشرح التقني اللازم، فقد تدرّج الكاتب في تقديم الجزيئات من البسيط إلى الأكثر تعقيدا، من خلال تقديم بعض الجزيئات التي ليس لها، في الظاهر، سوى أدوار بسيطة مثل غاز الميتان (Méthane) أو غاز المستنقعات، والذي يكاد ينحصر استعماله في الاحتراق، والجزيئات التي تستخدم في تكوين مجموعة منظّمة من الجزيئات، أو لأنها تمثّل مذاقا أو رائحة، أو لأنها مسؤولة عن لون. وتقديم بعض الجزيئات الأخرى التي تلعب أدوارا هامة جدا، ومن بينها النظام الكيميائي الأكثر انتشارا في العالم، وهي السليلوز (cellulose)التي تنمو على شكل غابات شاسعة ، لتجعل وجه الأرض ليّنا، والأ.د.ن أي الحمض النووي الريبي منقوص الأكسجين (acide désoxyribonucléique)، التي تحمل الشفرة الجينية.
كما يبرز هذا الكتاب كيف يمكن لاختلاف في جزيء أو جزيئين أن يحوّل مادة ملتهبة إلى سمّ، أو يغيّر لونا، أو يحوّل غذاء ما إلى شيء غير قابل للأكل، وأن يحوّل رائحة حادة إلى عطر لطيف. ويكشف عن الجانب الرائع في عالم الكيمياء والذي يمكّن بفضل تغيير ذرّة واحدة من الحصول على نتائج مدهشة.


22.3.11

ونَشْرَبُ إِنْ وَرَدْنَا المَاءَ صَفْـواً وَيَشْـرَبُ غَيْرُنَا كَدِراً وَطِيْنَـا


مقال بقلم روضة السالمي، تونس 22 مارس 2011

تستيقظ سماح ذات 14 ربيعا، والمولودة في إحدى القرى النائية، يوميا عند الخامسة صباحا، وقبل أن تذهب إلى معهدها، تحمل الأواني البلاستيكية على ظهر حمارها العجوز، لتملأ من نقطة توزيع المياه البعيدة عن بيتها بعض الكيلومترات، ما يكفيها وعائلتها طيلة اليوم. وفي نفس ذلك الوقت تقريبا تستيقظ سماح أخرى، هي أيضا لها من العمر 14 ربيعا، تفتح صنبور المياه الذي يتدفّق منه، وبكل بساطة وتلقائية فيض من المياه الدافئة، فتملأ سماح المغطس لتغتسل، ثم تتناول غذاء صحيا تختمه بجرعة ماء غازية، لأن الماء الغازي المعبّأ في قوارير، حسب أحدث الإعلانات الإشهارية، ينقي البشرة ويساعد على الهضم، وقبل أن تبدأ دروسها عند الساعة الثامنة صباحا، تتجه سماح إلى نادي الرياضة وفي حقيبتها قارورة مياه، فمياه الحنفية تصلح فقط للتنظيف وسقي الأزهار.
لن أقول بأن سماح الريفية ستنجح في دراستها أكثر من سماح الحضرية، لأن النجاح مرتبط قبل كلّ شيء بقدرة الإنسان على الصمود أمام محبطات ندرة الموارد أو مغريات وفرتها، لكن الفرق الجوهري بين البنتين هو في تقدير قيمة الماء الصالح للشراب. ولكن سماح الريفية، يمكنها أن تعتبر نفسها محظوظة بالقياس إلى ياتوندي (Yetunde) من نيجيريا (Nigéria) أو تابورا (Tabora) من تنزانيا (Tanzanie)، لأنهما، منذ أن وجدتا على هذا الكوكب الأزرق لم تشربا سوى من المياه الراكدة والمستنقعات، ولا تعرفان من المياه المعلّبة سوى زجاجات الكوكاكولا. ورغم أن الكثير من أفراد قبيلة ياتوندي وتابورا توفوا جراء إصابتهم بأمراض الماء كالكوليرا (le choléra)، والتيفويد (la typhoïde)، والتهاب الكبد (les hépatites)، والإسهال (la diarrhée)، فإن هاتان الفتاتان ومئات ملايين الأفارقة ما زالوا يشربون كدرا وطينا.
وفي تقرير نشرته بمناسبة اليوم العالمي للمياه، الذي حمل هذه السنة شعار "المياه للمدن: كيفية مجابهة التحدي العمراني"، حذّرت الأمم المتحدة، من "أن يؤدي عدم اتخاذ الخطوات والإجراءات اللازمة لتوصيل المياه الصحية والآمنة الى زيادة عدد المحرومين منها الى 2,3 مليار سنة 2025". كما تتوقّع الأمم المتحدة أن يواجه 7 مليارات إنسان في 60 بلدا شحا في الموارد المائية، وتكاد تحتكر قارة إفريقيا لنفسها شرف احتضان هذه الأزمة الإنسانية القادمة، حيث تمثّلها كلّ من نيرجيريا (le Nigeria)، والنيجر، (le Niger)، وبوركينا فاصو (le Burkina Faso)، وطنزانيا (la Tanzanie)، والموزمبيق (le Mozambique)، والزيمبابوي (le Zimbabwe)، ومملكة ليسوتو (le Lesotho)، ومملكة سوازيلاند (le Swaziland)، واريتريا (l’Erythrée)، وجزر موريس (l’île Maurice). أما صدارة هذه القائمة السوداء فتحتلها المغرب (le Maroc)، والجزائر (l’Algérie)، وتونس (la Tunisie)، وفلسطين (la Palestine)، ومصر (l’Egypte)، ولبنان (le Liban)، والأردن (la Jordanie)، واليمن (le Yémen)، وجيبوتي (Djibouti)، والصومال (la Somalie)، وأثيوبيا (l’Ethiopie)، وكينيا (le Kenya)، وجنوب إفريقيا (l’Afrique du Sud).
وفي انتظار حلول سنة 2025 لنتأكد من صحّة هذه التوقعات، ستواصل سماح الحضرية وربما أبنائها استهلاك المياه المعلّبة والمساهمة في تلويث البيئة بمخلفاتها البلاستيكية، إن لم تنخرط في حملة لترشيد واستهلاك الماء، وستنتقل سماح الريفية بعد نجاحها في دراستها إلى العاصمة لتساهم بدورها وعلى طريقتها في استغلال الموارد المائية الشحيحة، فيما ستواصل ياتوندي وتابورا كفاحهما من أجل البقاء رغم الحروب الأهلية، والمجاعة، والسيدا، والأوبئة، وستحتفل بلدان العالم كلّ سنة بيوم 22 مارس يوما عالميا للمياه، وستواصل الولايات المتحدّة الأمريكية بحثها المستميت عن الماء فوق سطح المريخ، وبالتأكيد ليس لتفريقه على الظمآنين في العالم...

15.3.11

وصية المرحوم


يحكى أن رجلا ثريا جدا يملك 11 سيارة نادرة، يبلغ ثمن كل واحدة منها 25.000 دولار. وعندما توفي هذا الثري، لاحظ محامي العائلة أنه وضع شروطا غريبة في وصيته. فقد قسم تركته من السيارات على أبنائه الثلاثة الذكور بالطريقة التالية: يحصل الابن الأكبر على نصف السيارات، الربع للابن الثاني والسدس للابن الثالث. عندها عمت الفوضى الجميع: كيف يقسمون 11 على 2 وعلى 4 وعلى 6 ؟

تناقش الأبناء طويلا ثم استقر رأيهم على استشارة السيدة صفر حلاّلة المشاكل الرياضية العويصة. وجاءت السيدة صفر على متن سيارتها التي أوقفتها إلى جانب السيارات الأحد عشر موضوع التركة. ثم قالت للورثة: كم لدينا الآن من سيارة هنا ؟ فلما احتسبوا مجموع السيارات وجدوها 12. ثم قامت السيدة صفر بتنفيذ رغبة المرحوم فأعطت الابن البكر نصف السيارات الموجودة أي 6 والطفل الأوسط ربع السيارات أي 3 والصغير السدس أي سيارتان.

ثم قالت : 6 + 3 + 2 = 11 والسيارة الباقية هي لي.

هذه المفارقة هي نسخة متطورة من مفارقة عربية قديمة تتعلق بالخيول وليس بالسيارات. ويمكننا تنويع عدد السيارات الموروثة وطريقة تقسيمها إلى ما لا نهاية له شريطة أن يقع اقتراض سيارة وإعادتها في الأخير لصاحبها.

يمكننا مثلا تخيل أن هنالك 17 سيارة علينا قسمتها على 2، ثم على 3 ثم على 9. يمكننا أن نفترض بأن هنالك س سيارة والعمليات الثلاثة على التوالي أ/1 ب/1 ج/1:
س/(1+س)=1/أ+1/ب+1/ج

يمكننا جعل هذه المسألة أصعب من خلال التكثير في عدد الورثة وعدد السيارات التي سيتم اقتراضها.

يكمن السر في هذه المفارقة في أن مجموع المنابات الموروثة لا يساوي 1. فلو قمنا من أجل تنفيذ الوصية بقسمة سيارة لبقي لنا 11/12 من السيارة.

سـحـر الـمـفـارقـات، مارتن غاردنر، ترجمة وتقديم روضة السالمي

9.3.11

الرقم السحري


 هل تعرف بأن للرقم 9 عديد الخصائص الغامضة؟ هل تعرف مثلا بأن الرقم 9 يختفي في تاريخ ولادة ووفاة كل الشخصيات المشهورة؟ لنأخذ مثلا لويس السادس عشر. لقد قطع رأسه بالمقصلة يوم 21 جانفي 1793. اكتبوا هذا التاريخ على شكل أرقام: 2111793. ثم قوموا بخلط هذه الأرقام لتحصلوا على رقم مختلف مثلا: 7121139. ثم قوموا بخصم العدد الصغير من العدد الأكبر منه. مثال: 7121139 – 2111793 = 5009346.
قوموا بعد ذلك بجمع الأرقام كالتالي: 6+4+3+9+0+0+5 المجموع هو: 27، و7 + 2 = 9.
لو تقومون بمثل هذه العملية الحسابية مع أي شخصية مشهورة ستحصلون دائما على 9. فهل توجد علاقة غامضة بين تاريخ ولادة أو وفاة المشهورين مع الرقم 9؟
لو تقومون الآن بنفس العملية الحسابية مع تاريخ ولادتكم، ستحصلون على نفس النتيجة أي 9. فهل يعني ذلك أنكم مشهورون؟
عندما نقوم بجمع كل أرقام عدد ما، ثم نقوم بنفس العملية السابقة حتى نتحصل في النهاية على رقم واحد وهو ما يطلق عليه علماء الرياضيات "الجذر الرقمي" للعدد الأول. وعندما نقسم أي عدد على الرقم 9، سيساوي الرقم المتحصل عليه الجذر الرقمي، وذلك ما اصطلح على تسميه "البرهنة بالتسعة".
قبل ظهور الآلات الحاسبة، كان خبراء المحاسبة يستعملون البرهنة بالتسعة لمراجعة عمليات الجمع والطرح والضرب والقسمة بالنسبة للأرقام الكبيرة. عندما نقوم مثلا بإنقاص أ من ب للحصول على ج، يمكننا التثبت من العملية من خلال طرح الجذر الرقمي أ من الجذر الرقمي ب حتى نتأكد من أن النتيجة تعطي بالفعل الجذر الرقمي ج. عندما تكون نتيجة الطرح صحيحة تتساوى الجذور الرقمية، غير أن ذلك لا يعني أن العملية الحسابية صحيحة: هنالك ثمانية فرص من تسعة حتى تكون النتيجة صائبة. أما إذا ما كانت الجذور الرقمية غير متساوية فإن المحاسب يعرف أنه ارتكب خطأ ما.
يوضح لنا هذا المثال الذي بدأنا به هذه المفارقة أن هنالك خدعة جميلة موجودة في عملية احتساب الرقم 9 في تواريخ ولادة أو وفاة المشاهير.
لنأخذ مثلا عددا نسميه ع مكون من عدة أرقام. عندما نخلط هذه الأرقام نحصل على عدد جديد هو ع 1 ومن الواضح أن لـ ع و ع 1 نفس الجذر الرقمي. ولذلك فإن طرح الجذر الرقمي للعدد ع أو ع 1 سيعطينا 0 بما أن 9 عندما يقسم على 9 يعطي 0 يعني أن الصفر يساوي 9، أي أن له نفس قيمة 9.
هذا الرقم 0 أو 9 هو الجذر الرقمي للفارق ما بين ع و ع 1. انتبهوا لا يمكنكم الحصول على صفر إلا إذا كان العدد الأول هو نفس العدد الثاني، لذلك وحتى تحصلوا على رقم 9 وتذهلوا أصحابكم عليكم أن تقوموا بخلط الأرقام بصفة جيدة خاصة حين يتعلق الأمر بتواريخ الولادة.
لا يفوتني أن أخبركم على لعبة سحرية أخرى تتعلق بالرقم 9. لنفترض مثلا أن أحد أصدقائكم كتب خلسة حتى لا ترونه رقم مصرفي لورقة مالية. ثم قام بخلط الأرقام حتى تحصل على رقم مختلف ومن ثمة قام بطرح العدد الصغير من العدد الكبير. ويطلب منه أحدكم أن يمحو رقما ما من النتيجة التي حصل عليها (عليه ألا يقوم بأي تمويه ويمحو رقما بالفعل) ويقرأ الأرقام المتبقية بصوت مرتفع وفي أي ترتيب يراه مناسبا. وتقومون أنتم بعملية جمع ذهنية للأرقام التي يقرؤها وستفاجؤنه بالتأكيد حين تخبرونه بالرقم الذي حذفه.
السر واضح. فالفارق ما بين الرقمين سيكون له جذع رقمي يساوي 9. عندما يقرأ صديقكم الأرقام بصوت مرتفع تقومون أنتم بالجمع من دون الأخذ بعين الاعتبار رقم تسعة. وعندما ينتهي اطرحوا العدد الأخير المتحصل عليه من تسعة وستجدون الرقم المحذوف. مثلا عندما تجدون أن الجذر النهائي هو 9 فإن 9 هو الرقم الذي حذفه صديقكم.
سـحـر الـمـفـارقـات، مارتن غاردنر، ترجمة وتقديم روضة السالمي



4.3.11

الذي يبيع بيضة..

باع دوني إحدى لوحاته لجورج بـ500 دولار. علق جورج اللوحة في بيته غير أنه مل منها بعد أيام فأعادها لدوني مقابل 400 دولار. وبعد ذلك بأسبوع أعاد دوني بيع اللوحة لجيرار بـ450 دولار. قال دوني في نفسه بأنه حقق ربحا لا بأس به. لقد بعت اللوحة في البداية بـ500 دولار وهو مبلغ غطى تقريبا كلفة المواد التي استعملتها والوقت الذي قضيته في رسمها. ثم استعدتها بـ400 دولار وأعدت بيعها بـ450 دولار ما يعني أنني حققت ربحا بـ50 دولارا.
إلا أن جورج يرى الأمور بشكل مختلف. لقد قام مدعي الفن هذا ببيعي لوحة بـ500 دولار ثم اشتراها مني بـ400 دولار. يعني أن ربحه الصافي هو 100 دولار. ولن نهتم بمسألة بيعه لها مرة أخرى بـ450 دولار لأن هذه اللوحة في الحقيقة لا تساوي أكثر من ذلك.
ويرى جيرار أن دوني ربح 100 دولار حين باع اللوحة بـ500 دولار ثم استعادها بـ400 دولار. ثم ربح 50 دولارا أخرى بعد بيعها مرة ثالثة بـ450 دولار. يعني أنه ربح 150 دولارا.
وأنتم ما رأيكم، هل كان الربح الحقيقي: 50 أو 100 أو 150 دولارا؟
لو فكرنا مليا في هذه المسألة لوجدنا أن كل الإجابات يمكن أن تكون صحيحة. فمن المستحيل معرفة الربح الحقيقي لأن المعطيات حول المصاريف التي أنفقها دوني على اللوحة غير محددة. لنترك مسألة الوقت الذي أنفقه في الرسم ولنقل بأن تكلفة قماش الرسم والإطار والألوان تساوي 100 دولار. بعد ثلاث عمليات بيع تحصل الرسام على 550 دولارا. إذا ما أقررنا بأن الربح الصافي هو الفارق بين الأموال المتحصل عليها والمصاريف، يمكننا القول بأن الربح هو 450 دولارا.
وبما أننا نجهل تماما تكلفة المواد التي استعملها (لا يسعنا إلا أن نضع لها قيمة ما) فإنه لا يمكننا بأي حال أن نعرف مقدار الربح الحقيقي الذي حققه هذا الرسام.
يعتقد البعض بأن هذه المسألة هي مسألة رياضية إلا أنها في الواقع مسألة لغوية تتعلق بتعريف مصطلح الربح. تذكرنا هذه المفارقة بمسألة قديمة حول الشجرة التي تسقط في الغابة، هل لسقوطها على الأرض من وقع أم لا؟ حتى ولو لم يكن هنالك شخص لسماع ذلك؟ يمكننا الإجابة بنعم أو لا، يتوقف ذلك على المعنى الذي نعطيه لكلمة وقع.
---
مترجم عن كتاب "سـحـر الـمـفـارقـات" (La magie des paradoxes) لمارتن غاردنر (Martin Gardner) ترجمة وتقديم روضة السالمي 2004، نشر ضمن المجلة العلمية للفتيان الصادرة عن الألكسو.

ولد مارتن غاردنر يوم 21 أكتوبر سنة 1914 بالولايات المتحدة الأمريكية، وتوفي يوم 22 ماي 2010. اهتم منذ طفولته بالعلوم الصحيحة والألعاب السحرية، و في دراسته الجامعية توجه نحو الفلسفة حيث تحصل على الإجازة فيها سنة 1936.
اشتغل في الصحافة والتأليف وتقديم عروض السحر حتى الحرب العالمية الثانية التي شارك فيها. وبعدها أصبح كاتبا حرا كتب الشعر وروايات الخيال العلمي والقصص للفتيان.
كتب مارتن غاردنر وشارك في تأليف ما لا يقل عن 800 كتاب في ميادين علمية متعددة منها العلوم والفلسفة والمنطق واشتهر بالخصوص بكتبه في الرياضيات وفي الألعاب الفكرية وقد ترجمت معظم مؤلفاته إلى لغات عديدة.
يعتبر غاردنر من بين الأوائل الذين حاولوا ووجدوا صيغة ملائمة للجمع بين التسلية والفلسفة والمنطق الرياضي. وقد أطلق عليه المعهد الأمريكي للفيزياء سنة 1983لقب الكاتب العلمي.

28.2.11

الجبار والثريا

كان في قديم الزمان عملاق جبار يعيش باليونان اسمه أوريون Orion. وكان هذا الجبار الذي يعيش في كهف كبير، بجوار عملاق اسمه أطلاس Atlas وزوجته وبناته السبع وهنّ أستيروبي Astérope، ميروبي Mérope، الكترا Électre، مايا Maïa، طيجاتي Taygète، سيلاينو Célaéno، السيوني Alcyone، يخرج كلّ يوم للصيد بمساعدة كلبيه الوفيين من دون أن يرى أحدا من جيرانه.

وفي أحد الأيام، خرجت ميروبي إحدى بنات العملاق أطلاس السبع، للتمتّع بدفء الشمس، فرآها الجبار أوريون، الذي شغف بجمالها ووقع في غرامها، وبادلته هي نفس الشعور. وفي غفلة من الأب الذي كان يريد تزويجها من عملاق ثري آخر، كان الحبيبان يمضيان أوقاتا سعيدة. وذات يوم اكتشف الأب أطلاس خلوة ابنته ميروبي مع الجبار أوريون، فاستشاط غضبا. وليمنعه من رؤية ابنته مجدّدا، أجبره على احتساء شراب أفقده البصر.

وقال أطلاس للجبار أوريون:
-         لكي تستعيد نظرك، عليك أن تبصر نور الفجر.. فامض في طريقك حتى يلوح لك، وعند عودتك، صارع كل الوحوش التي تعترض طريقك، وإذا انتصرت عليها سيكون في مقدورك رؤية ميروبي مجدّدا...

وكان أطلاس مقتنعا بعدم قدرة الجبار على النجاة من هذه المغامرة. غير أن الجبار، المتمرّس بالصيد والمندفع بعاطفة الحبّ الجياشة، قرّر السفر إلى حيث تشرق الشمس. مستعينا بابن صديقه سيدايون Cédalion، الذي حمله على كتفه ليرشده في رحلته. انتصب الطفل مليا على كتف الجبار، ودلّه على الطريق إلى أن لاحت ألوان الشفق الخلابة أمام ناظري أوريون وارتدّ بصيرا.

وفي عودته لموطنه، اعترض أرنب بري وثور وحشي طريق الجبار، فتغلّب عليهما. وعندما أوشك على الوصول إلى كهفه لسعته عقرب في قدمه لسعة مميتة. ولمّا أحسّ الجبار بدنوّ أجله، طلب من زوس Zeus، كبير الآلهة، أن يحوّله إلى كوكبة نجوم حتى يتمكّن من رؤية حبيبته ميروبي. فلبى زوس طلبه، رأفة به.

وعندما بلغ الأمر ميروبي، طلبت بدورها من زوس أن يحوّلها هي وأخواتها إلى نجوم، احتجاجا على والدها، ولتكون قرب حبيبها أوريون، فاستجاب لها زوس وحوّلهن إلى Pléiades. وحوّل كلبي الجبار إلى كوكبتي الكلب الأكبر Alpha Canes Majoris والكلب الأصغر Canis Minor، وكذلك فعل مع كلّ الحيوانات التي اعترضت طريق الجبار بعد أن أبصر نور الفجر.

ومنذ ذلك العهد، يمكن لسكّان شمال الكرة الأرضية، في الليالي الصافية، أن يروا الثريا مستغرقة في تأمّل الجبار مع كلبيه الوفيين، وهو يشدّ قوسه، وغير بعيد عنه الأرنب البري والثور الوحشي. أما كوكبة العقرب، قاتل الجبار والذي قضى على آماله، وحطّم قلبه، فلا يظهر معه أبدا، فما إن يغرب أحدهما حتى يشرق الآخر.

يوم الشريط الوثائقي التونسي 30 مارس 2024 بمدينة العلوم بتونس

  انطلاقا من دورها في المساهمة في تطوير ونشر الثقافة العلمية والتكنولوجية، وفي إطار برنامجها السنوي لعام 2024، وانطلاقا من أهمية الأشرطة الو...