4.3.11

الذي يبيع بيضة..

باع دوني إحدى لوحاته لجورج بـ500 دولار. علق جورج اللوحة في بيته غير أنه مل منها بعد أيام فأعادها لدوني مقابل 400 دولار. وبعد ذلك بأسبوع أعاد دوني بيع اللوحة لجيرار بـ450 دولار. قال دوني في نفسه بأنه حقق ربحا لا بأس به. لقد بعت اللوحة في البداية بـ500 دولار وهو مبلغ غطى تقريبا كلفة المواد التي استعملتها والوقت الذي قضيته في رسمها. ثم استعدتها بـ400 دولار وأعدت بيعها بـ450 دولار ما يعني أنني حققت ربحا بـ50 دولارا.
إلا أن جورج يرى الأمور بشكل مختلف. لقد قام مدعي الفن هذا ببيعي لوحة بـ500 دولار ثم اشتراها مني بـ400 دولار. يعني أن ربحه الصافي هو 100 دولار. ولن نهتم بمسألة بيعه لها مرة أخرى بـ450 دولار لأن هذه اللوحة في الحقيقة لا تساوي أكثر من ذلك.
ويرى جيرار أن دوني ربح 100 دولار حين باع اللوحة بـ500 دولار ثم استعادها بـ400 دولار. ثم ربح 50 دولارا أخرى بعد بيعها مرة ثالثة بـ450 دولار. يعني أنه ربح 150 دولارا.
وأنتم ما رأيكم، هل كان الربح الحقيقي: 50 أو 100 أو 150 دولارا؟
لو فكرنا مليا في هذه المسألة لوجدنا أن كل الإجابات يمكن أن تكون صحيحة. فمن المستحيل معرفة الربح الحقيقي لأن المعطيات حول المصاريف التي أنفقها دوني على اللوحة غير محددة. لنترك مسألة الوقت الذي أنفقه في الرسم ولنقل بأن تكلفة قماش الرسم والإطار والألوان تساوي 100 دولار. بعد ثلاث عمليات بيع تحصل الرسام على 550 دولارا. إذا ما أقررنا بأن الربح الصافي هو الفارق بين الأموال المتحصل عليها والمصاريف، يمكننا القول بأن الربح هو 450 دولارا.
وبما أننا نجهل تماما تكلفة المواد التي استعملها (لا يسعنا إلا أن نضع لها قيمة ما) فإنه لا يمكننا بأي حال أن نعرف مقدار الربح الحقيقي الذي حققه هذا الرسام.
يعتقد البعض بأن هذه المسألة هي مسألة رياضية إلا أنها في الواقع مسألة لغوية تتعلق بتعريف مصطلح الربح. تذكرنا هذه المفارقة بمسألة قديمة حول الشجرة التي تسقط في الغابة، هل لسقوطها على الأرض من وقع أم لا؟ حتى ولو لم يكن هنالك شخص لسماع ذلك؟ يمكننا الإجابة بنعم أو لا، يتوقف ذلك على المعنى الذي نعطيه لكلمة وقع.
---
مترجم عن كتاب "سـحـر الـمـفـارقـات" (La magie des paradoxes) لمارتن غاردنر (Martin Gardner) ترجمة وتقديم روضة السالمي 2004، نشر ضمن المجلة العلمية للفتيان الصادرة عن الألكسو.

ولد مارتن غاردنر يوم 21 أكتوبر سنة 1914 بالولايات المتحدة الأمريكية، وتوفي يوم 22 ماي 2010. اهتم منذ طفولته بالعلوم الصحيحة والألعاب السحرية، و في دراسته الجامعية توجه نحو الفلسفة حيث تحصل على الإجازة فيها سنة 1936.
اشتغل في الصحافة والتأليف وتقديم عروض السحر حتى الحرب العالمية الثانية التي شارك فيها. وبعدها أصبح كاتبا حرا كتب الشعر وروايات الخيال العلمي والقصص للفتيان.
كتب مارتن غاردنر وشارك في تأليف ما لا يقل عن 800 كتاب في ميادين علمية متعددة منها العلوم والفلسفة والمنطق واشتهر بالخصوص بكتبه في الرياضيات وفي الألعاب الفكرية وقد ترجمت معظم مؤلفاته إلى لغات عديدة.
يعتبر غاردنر من بين الأوائل الذين حاولوا ووجدوا صيغة ملائمة للجمع بين التسلية والفلسفة والمنطق الرياضي. وقد أطلق عليه المعهد الأمريكي للفيزياء سنة 1983لقب الكاتب العلمي.

يوم الشريط الوثائقي التونسي 30 مارس 2024 بمدينة العلوم بتونس

  انطلاقا من دورها في المساهمة في تطوير ونشر الثقافة العلمية والتكنولوجية، وفي إطار برنامجها السنوي لعام 2024، وانطلاقا من أهمية الأشرطة الو...