29.4.11

كيميايئون عرب: جابر بن حيان

نتعرّف اليوم على العالم جابر بن حيان الذي ولد، حسب بعض الروايات سنة 721م بحرّان في الجزيرة العربية، وتوفي حوالي سنة 815م. ومارس ابن حيان الطب في بداية حياته تحت رعاية الوزير جعفر البرمكي أيام الخليفة العباسي هارون الرشيد، ثم اشتغل بالكيمياء. وبعد نكبة البرامكة سجن في الكوفة وظل في السجن حتى وفاته.
وبالنظر إلى إسهاماته الكبيرة في تحقيق النقلة من الخيمياء إلى الكيمياء، أطلقت عليه العديد من الألقاب ومنها "الأستاذ الكبير" و"شيخ الكيميائيين المسلمين" و"أبو الكيمياء"، وعرف عند الأوربيين في القرون الوسطى باسم Geber. أدخل جابر بن حيان المنهج التجريبي إلى الكيمياء، ويرجع له الفضل في اكتشاف وتحضير العديد من المركبات والمواد من خلال العمليات المخبرية التي قام بها مثل التبخير، والتكليس، والتصعيد، والتقطير، والتكثيف، والترشيح، والإذابة، والصهر، والبلورة.
واكتشف ابن حيان الصودا الكاوية أو القطرون (NaOH)، وعددا من المحاليل الحمضية التي استخدمها لفصل الذهب عن الفضة (وهي طريقة ما تزال مستخدمة إلى الآن)، واستحضر ماء الذهب، كما اكتشف عددا من الأحماض كحامض النتريك والهيدروكلوريك والكبريتيك (الذي أطلق عليه اسم زيت الزاج)، كما قام بإعداد سلفيد الزئبق وأكسيد الارسين (oxyde arsénieux)، وتحضير العديد من المواد الكيميائية مثل كلوريد الفضة، وشرح كيفية تحضير الزرنيخ، والإنتيمون، وتنقية المعادن، وصبغ الأقمشة. ونجح جابر بن حيان في وضع أوّل طريقة للتقطير في العالم حيث اخترع جهازا للتقطير استخدم فيه اناء زجاجيا له قمع طويل لا يزال يعرف حتى اليوم في الغرب باسم "Alembic" (من "الأمبيق" باللغة العربية)، كما تمكن من تحسين نوعية زجاج هذه الأداة بمزجه بثاني أكسيد المنجنيز.
ومن أهم مؤلفاته كتاب "أسرار الكيمياء"، و"أصول الكيمياء"، و"علم الهيئة"، و"المكتسب"، و"الخمائر الصغيرة"، و"نهاية الإتقان"، و"صندوق الحكمة"، و"كتاب الملك، و"الخواص"، و"السموم ودفع مضارها"، و"الأحجار" بأجزائه الأربعة، و"الرحمة" الذي تناول فيه إمكانية تحويل المعادن إلى ذهب، و"القمر" ويعني الفضة، و"الشمس" ويعني الذهب، و"الزئبق"، و"الموازين"، و"المماثلة والمقابلة"، والعديد من الرسائل. وترجمت أغلب مؤلفاته إلى اللاتينية في أوائل القرن الثاني عشر، ومن اللاتينية إلى الإنجليزية عام 1678.
وظل الأوربيون، لعدة قرون، يعتمدون على كتبه التي كان لها أثر كبير في تطوير الكيمياء الحديثة، وفي هذا يقول ماكس مايرهوف (MAX MEYERHOF) المستشرق الألماني (1874-1945) المختص في التراث العلمي العربي الإسلامي: "يمكن إرجاع تطور الكيمياء في أوروبا إلى جابر بن حيان بصورة مباشرة. وأكبر دليل على ذلك أن كثيراً من المصطلحات التي ابتكرها ما زالت مستعملة في مختلف اللغات الأوربية".
روضة السالمي، تونس 2011

25.4.11

كيميائيون عرب: مسلمة المجريطي

بمناسبة السنة الدولية للكيمياء، يسرّني أن أقدّم نبذة بسيطة عن بعض العلماء المسلمين الذين أسهموا في تطوّر المعارف والعلوم.

يعتبر أبو القاسم مسلمة بن أحمد المجريطي، الملقّّب بإمام الرياضيين في الأندلس، وصاحب كتاب "رتبة الحكيم في الكيمياء" أحد أهمّ علماء الرياضيات والكيمياء والفلك في الأندلس والمغرب العربي.
ولد المجريطي بمدريد سنة 340 هـ/ 950 م وتوفي بقرطبة سنة 397 هـ/1007 م. وقد درس أبو القاسم العلوم الطبيعية والرياضة والفيزياء واطّلع على كتب من سبقوه من العلماء. وكان يعدّ حجة عصره في الكيمياء، فقد حرّر علم الكيمياء من الخرافات والسحر، ودعا إلى دراسته بطريقة علمية تعتمد على التجربة والاستقراء. وكان يرى أن الرياضيات ضرورية في دراسة الكيمياء، وأولى عناية كبيرة بالتجارب الخاصة بالاحتراق والتفاعلات التي تنتج عنه، واشتهر بتحضيره لأكسيد الزئبق.
ومن أهمّ مؤلفات المجريطي كتاب "رتبة الحكيم في الكيمياء" الذي أوضح فيه أهمية دراسة العلوم الأخرى لمن يريد الاشتغال بالكيمياء لأنها تساعده على قوة الملاحظة والتفكير الدقيق في العمليات الكيميائية، وكتاب "غاية الحكيم" الذي ترجم إلى اللغة اللاتينية في عام 1252 م تحت عنوان (Picatrix) وهو كتاب موسوعي احتوى على مقالات في تاريخ الحضارة في أقدم عصورها ومستنبطات من تواريخ الأمم الشرقية كما احتوى على مقالات في العلوم مثل الكيمياء والفلك والسحر والحيل والرياضيات. وكان لهذا العالم الكيميائي اهتمام واسع بعلم الفلك حيث درس زيج الخوارزمي وزاد عليه، وكتب رسالة في آلة الرصد المعروفة بالإسطرلاب. كما ترك المجريطي أبحاثا قيمة في مختلف فروع الرياضيات كالحساب والهندسة.
روضة السالمي، تونس 2011

22.4.11

كم هو صغير هذا العالم



 نفاجأ أحيانا عند قيامنا برحلة ما، بأن نجد صديقا مشتركا مع شخص لا نعرفه يرافقنا خلال هذه الرحلة.
لقد برهن علماء الاجتماع على أن شخصين وقع اختيارهما عشوائيا يصل معدل الأشخاص اللذان يعرفانهما إلى 1.000 شخص لكل منهما ما يعني أنه لمجموع 50 مليون ساكن هنالك إمكانية واحدة على 50.000 ليعرفا بعضهما.
وهكذا فإن نسبة التقائهما لصديق مشترك تكون من 1 إلى 50. وببساطة أكثر عندما يتم اختيار شخصين بطريقة عشوائية، نكون متأكدين تقريبا من أن الشخص الأول يعرف شخصا يعرف بدوره شخصا آخر يعرفه الشخص الثاني.
وقد أثبتت التجارب أن شبكة الصداقات تصنع روابط تجمع الأشخاص. وليس من المدهش أن شخصين من نفس المنطقة لا يعرفان بعضهما البعض ويلتقيان بعيدا يجدان أن صديقا مشتركا يجمع بينهما. وجود هذه الشبكة يفسر لنا سرعة انتشار الشائعات والنكت أو حتى الأسرار.

من باب مفارقات الإحصاء، كتاب "سحر المفارقات" لمارتن غاردنار، ترجمة روضة السالمي

16.4.11

عطر الفراولة، الجزيئات الغامضة، Le Parfum de la Fraise, mystérieuses molécules


أصدرت دار دونو للنشر Dunod سنة 2005 النسخة المترجمة عن الطبعة الثانية لـ "أجمل ما كتب عن الكيمياء" حسب تعبير صحيفة العالم الجديد The New Scientist
الكاتب: بيتر أتكينس (Peter ATKINS)، أستاذ بجامعة أكسفورد Oxford بريطانيا
عنوان الطبعة الأولى باللغة الانجليزية: Molecules
الطبعة الثانية: Atkin’s Molecules
ترجمه من الانجليزية إلى الفرنسية: جيلبارت شامبو (Gilberte CHAMBAUD)، أستاذة بجامعة مارن لافالي Marne-la-Vallée فرنسا
تقديمه إلى قرّاء العربية: روضة السالمي
الصفحات: 263 من القطع المتوسط
الصور: 47 صورة ملوّنة، دون اعتبار الرسوم البيانية
قاموس شرح المصطلحات العلمية
فهرس المصطلحات العلمية
الأبواب:
- المواد البسيطة: الهواء، والماء و الأمونياك أو غاز النشادر (Ammoniac NH3)، الضباب، التلوّث، والأمطار الحمضية
- الوقود، المواد الدهنية، الصابون: الغاز الطبيعي و الغاز النفطي المسال، البنزين والفحم، الكحول والخل، الشحوم والزيوت، الزبدة والمارغرين، الصابون ومواد التنظيف
- المبلمرات (polymères) الاصطناعية والطبيعية: المبلمرات واللدائن (plastiques)، والمطاط (caoutchouc)، ألياف البوليستار (polyesters) وأصماغ الأكليريك (résines acryliques)، والنايلون، الشعر، الصوف والحرير، السكّر، النشا، السيلولوز (cellulose)
- المذاق والرائحة: الحلاوة، الحموضة، المرارة، الحريفة، البهارات، الطزاجة، اللحم، المشاوي، الغلال والغذاء، الأزهار والزيوت الأساسية، روائح الحيوانات
- الرؤية والألوان: الرؤية، الأوراق، الجزر والبشرور (flamants roses)، الأزهار، الفاكهة والنبيذ، الكدمات، الاسمرار، لفحات الشمس
- الظلّ والضوء: المهدئات والمسكّنات، المنبّهات، المواد الضارّة
- الحياة: الجنس والتناسل.

بكلماته بسيطة وطرحه البعيد عن التعقيد والتكلّف، يغرينا بيتر أتكينس بقراءة أجمل كتاب عن الكيمياء، ويجعلنا نشعر بأننا نطالع قصّة مشوّقة وليس كتابا علميا أكاديميا. ومن خلال انتقائه لحوالي 250 جزيئة، يكشف التنوّع المذهل الذي يزخر به العالم من جزيئات ترافق كلّ لحظة في حياتنا، لتجعلها ملّونة، وذات نكهة، كما يمكنها أن تجعلها مهدّدة ومنعدمة. ومركّزا على الطبيعة الهشة والمؤقتة للجزيئات يجعلنا الكاتب نكتشف هذا الكون المدهش والقاسي في بعض الأحيان، حيث يمكن لتعديل بسيط على تركيبة بعض الجزيئات وترتيبها أن يغيّر الأشياء بصفة مأساوية، حيث يمكن أن يتحوّل الأريج والرائحة الزكية، مثلا، على إثر تفاعلات كيميائية طبيعية إلى روائح كريهة.
لقراءة هذا الكتاب الشيق يحتاج القارئ لفضول معرفي حقيقي، وبعض المبادئ الأساسية في علم الكيمياء حتى يستمتّع بالعلوم، ويعيد اكتشاف الكيمياء والكيمياء الحيوية من منظار جديد يبرز مختلف تطبيقاتها إلى جانب البعد النظري والمعادلات.
وكما ورد في مقدّمة "عطر الفراولة" فإنك عندما تمسك هذا الكتاب تمسك بالجزيئات. وعندما ترتدي ثيابك، وتحتسي قهوتك، أو تتلّذذ طعاما ما، وعندما تتأمّل جمال زهرة، أو تمعن النظر في تفاصيل مشهد ما، فأنت تتعامل مع الجزيئات. وما أنت في حقيقة الأمر سوى تجميع للجزيئات.
الجزيئات هي تنسيق معيّن للذرات مثلما يبيّنها هذا الكتاب. وإلى حدود بداية القرن العشرين، لم تكن الجزيئات سوى رموز تجريدية يستعملها الكيميائيون لوصف التفاعلات. أما اليوم، فقد تمكن العلماء بفضل التعاون المشترك ما بين الكيميائيين والفيزيائيين من تأكيد حقيقة الجزيئات. حيث كانوا في البداية، يستعملون طرقا غير مباشرة للتأكّد من وجود هذه الكمية الضئيلة من المادة. ثم استعملوا طرقا أكثر تطوّرا للوصول إلى ما حلموا به منذ وقت طويل، صور غير قابلة للدحض أو المجادلة للجزيئات والذرات.
يحاول هذا الكتاب أن تظهر جزءا صغيرا مما تمّ اكتشافه. حيث يتناول الجزيئات التي نتنفّسها، والتي نرتديها، ونأكلها، ونحرقها، والتي تحيط بنا. وبما أن هدف الكتاب هو الكشف، من خلال الصور، عن تنوّع الجزيئات مع حدّ أدنى من الشرح التقني اللازم، فقد تدرّج الكاتب في تقديم الجزيئات من البسيط إلى الأكثر تعقيدا، من خلال تقديم بعض الجزيئات التي ليس لها، في الظاهر، سوى أدوار بسيطة مثل غاز الميتان (Méthane) أو غاز المستنقعات، والذي يكاد ينحصر استعماله في الاحتراق، والجزيئات التي تستخدم في تكوين مجموعة منظّمة من الجزيئات، أو لأنها تمثّل مذاقا أو رائحة، أو لأنها مسؤولة عن لون. وتقديم بعض الجزيئات الأخرى التي تلعب أدوارا هامة جدا، ومن بينها النظام الكيميائي الأكثر انتشارا في العالم، وهي السليلوز (cellulose)التي تنمو على شكل غابات شاسعة ، لتجعل وجه الأرض ليّنا، والأ.د.ن أي الحمض النووي الريبي منقوص الأكسجين (acide désoxyribonucléique)، التي تحمل الشفرة الجينية.
كما يبرز هذا الكتاب كيف يمكن لاختلاف في جزيء أو جزيئين أن يحوّل مادة ملتهبة إلى سمّ، أو يغيّر لونا، أو يحوّل غذاء ما إلى شيء غير قابل للأكل، وأن يحوّل رائحة حادة إلى عطر لطيف. ويكشف عن الجانب الرائع في عالم الكيمياء والذي يمكّن بفضل تغيير ذرّة واحدة من الحصول على نتائج مدهشة.


يوم الشريط الوثائقي التونسي 30 مارس 2024 بمدينة العلوم بتونس

  انطلاقا من دورها في المساهمة في تطوير ونشر الثقافة العلمية والتكنولوجية، وفي إطار برنامجها السنوي لعام 2024، وانطلاقا من أهمية الأشرطة الو...