21.9.11

الكيميائي والصيدلي أبو المنصور الموفق الهراوي الفارسي

شخصية لها تاريخ: أبو منصور الموفق، القرن الرابع للهجرة
رغم قلّة ما تركه الكيميائي والصيدلي أبو المنصور الموفق الهراوي الفارسي، من إنتاج مكتوب مقارنة مع بقية علماء الكيمياء العرب المسلمين، فقد أجمع المؤرخون والباحثون في تاريخ العلوم على تميّزه بالجودة والأصالة والدقة في البحث، ونسبوا إليه تأسيس علم الكيمياء الصناعية. وفي هذا الصدد يقول عنه الصيدلي البلجيكي جورج سارتون (George Sarton‏) مؤسس علم تاريخ العلوم في كتابه المدخل إلى تاريخ العلوم: "إن أبا المنصور الموفق كان علاّمة زمنه، لقد تبدَّت عبقرية الموفق أبو منصور في تجاربه وأبحاثه وامتاز عن غيره من العلماء بأفكاره التي لم يسبقه إليها أحد من قبل ، وكان ذلك مثار دهشة علماء الكيمياء المحدثين". وذكر الباحث المصري عبد الرزاق نوفل في كتابه المسلمون في العلم الحديث:"أبو منصور الموفق أول عالم كيميائي وضع الكيمياء في خدمة أغراض الإنسان". ويقول عنه الباحث جلال مظهر في فصل من فصول كتابه الحضارة الإسلامية أساس التقدم العلمي الحديث: "شهدت الكيمياء العربية في أوائل القرن الحادي عشر الميلادي عبقرية كيميائية أضافت إنجازات هامة بل هامة جداً، هذا هو أبو المنصور الموفق  وهو قد يكون أول كيماوي استطاع أن يفرّق بوضوح بين كربونات صوديوم النترون وكربونات البوتاسيوم التي أطلق عليها اسم قلي أو قلوي، كذلك كان يعرف ماهية أوكسيد الزرنيخ Arsenions Oxide  وحامض السليكات Silicic". وأورد المؤرّخ الأنجليزي إريك جون هولميارد (Eric John Holmyard) في كتابه صانعو الكيمياء بعضا من اكتشافات الموفق قائلا: "إن أبا المنصور الموفق توصل إلى معرفة أنّ مركّبات النحاس وخصوصاً الزاج الأزرق، ومركّبات الرصاص وخصوصاً الرصاص الأبيض سامة". وتبدّت عبقرية الموفق أبو منصور في قدرته على الاستفادة من تجارب من سبقه من ناحية، وربطه بين البحث العلمي ومتطلبات الحياة اليومية، حيث كان من القلائل الذين تمكّنوا من تسويق ابتكاراتهم الكيميائية لإنفاق ما يجنيه على شراء آلات وأدوات ومواد جديدة تساعده في بحوثه وتجاربه الجديدة، وقد جاء في بحث للدكتور أحمد شوكت الشطي ما نصه : "وعرف من كيميائي العرب أيضاً أبو المنصور الموفق الذي كان يحضر العقاقير ويبيعها ، ... ولهذا يمكن اعتبار الموفق مؤسس الكيمياء الصناعية، لأنه كان يصب اهتمامه على تحضير المواد التي يمكن تسويقها للناس بعد معرفة فوائدها وسلامتها". والمعروف عن الموفّق سعة اطلاعه على علوم اليونان والسريان والهند والفرس، وتأييده لجابر بن حيان في ضرورة اعتماد التجربة والاستقراء والاستنتاجات العلمية المبنية على المشاهدة والعيان. وإليه يعود اكتشاف طريقة جبر الكسور بمزج الجبس مسخّن بزلال البيض، وصنع المواد الصابغة من النحاس. كما درس الموفّق خواص الزئبق ومركّبات الرصاص، وإمكانية تحضير الأدوية بعملية التقطير والتصعيد. ومن أهمّ مؤلفاته كتابه الأبنية في حقائق الأدوية الذي يعرف كذلك باسم روضة الأنس ومنفعة النفس، وهو يعدّ أحد أهم الآثار العلمية الفارسية المؤرخة في العالم وأقدمها في علم الأدوية ويُحتفظ بها في مكتبة النمسا الوطنية. ويشتمل هذا الكتاب، المتخصص في استخراج العقاقير والأدوية، على الكثير من المعلومات عن خواص العقاقير والأدوية وطرق الحصول عليها، وهو يقدّم قرابة 585 دواء 466 منها مستخرجة من النبات، و75 من المعادن، و44 من مشتقات حيوانية.
 المرجع: موسوعة عباقرة الإسلام

يوم الشريط الوثائقي التونسي 30 مارس 2024 بمدينة العلوم بتونس

  انطلاقا من دورها في المساهمة في تطوير ونشر الثقافة العلمية والتكنولوجية، وفي إطار برنامجها السنوي لعام 2024، وانطلاقا من أهمية الأشرطة الو...