لاحظتم بالتأكيد أن القمر يطل دائما على الأرض بنفس الوجه. فهل يمكننا، يا ترى، القول بأنه بعد كل دورة حول الأرض يقوم القمر بدورة كاملة على محوره؟
الدكتور بالومار: بما أنني عالم فلك، يمكنني تأكيد ذلك. إذ لو وقفتم على سطح كوكب المريخ سترون أن القمر يقوم بدورة على محوره كلما أنهى دورة كاملة حول الأرض.
بالومار الصغير: ولكن كيف يستطيع القمر أن يدور على نفسه؟ لو كان ذلك صحيحا لتمكنا من رؤية كل وجوهه، غير أننا لا نرى سوى نفس الجهة دائما.
هل نحن الآن أمام مفارقة حقيقية أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد نقاشات لغوية لا جدوى منها؟ هنا أيضا يتعلق الأمر بمفارقة لغوية. فما معنى "يدور حول محوره"؟
بالنسبة لشخص يقوم برصد القمر من على سطح الأرض فإنه يرى أن القمر لا يدور. وبالنسبة لشخص يوجد خارج نظام الأرض/القمر، فإن القمر يدور.
من الصعب أن نصدق بأن أشخاصا على مستوى رفيع من الذكاء تعاملوا بجدية مع هذه المفارقة، إلا أنها الحقيقة.
والآن حان دوركم لتقوموا بتجربة. ارسموا دائرتين متلاصقتين وبقطر متساوي. وتخيلوا أن الدائرة "أ" تدور حول الدائرة "ب". كم من دورة قامت بها "أ" حول نفسها حتى تنهي الدورة حول "ب"؟ أعرف أنه ليس من السهل تخيل ذلك.
حسن يمكنكم أن تقوموا بالتجربة مستعملين قطعتين معدنيتين من نفس الفئة. وستندهشون حتما عندما تكتشفون أن القطعة النقدية "أ" قامت بدورتين حول نفسها حتى تنهي دورتها حول "ب".
ومثلما هو الشأن في مفارقة القمر تتعلق المسألة بالمكان الذي تقوم من خلاله بالمراقبة. فمن وجهة نظر القطعة النقدية الثابتة القطعة المتحركة لم تقم سوى بدورة واحدة. ومن وجهة نظركم قامت بدورتين.
سـحـر الـمـفـارقـات، مارتن غاردنر، ترجمة وتقديم روضة السالمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق