9.9.10

ديناصورات شمال إفريقيا تنفض عن نفسها الرمال


 بقلم روضة السالمي، مستشارة صحفية

تطالعنا، من حين لآخر، وسائل الإعلام المختلفة بما في ذلك المواقع الإخبارية على شبكة الانترنات، بخبر عن عثور البعثات العلمية، على مستحثات وأحافير هياكل عظمية وآثار أقدام لمخلوقات عملاقة عاشت قبل ظهور الإنسان بملايين السنين، وعمّرت كلّ أصقاع الأرض بما في ذلك شمال القارة الإفريقية، وبالتحديد المناطق الصحراوية الحالية التي كانت قبل ملايين السنين منطقة خضراء وارفة الظلال والأنهار. وفي الواقع، غالبا ما تثير مستحثات هذاه المخلوقات الضخمة، والتي صاغ اسمها السير ريتشارد أوين Sir Richard Owen سنة 1842، الدهشة والفضول، وتنمي الرغبة في تعميق المعرفة بتلك المخلوقات التي استوطنت الأرض قبل ظهور الإنسان، والتي نُحت اسمها من كلمتين هما العظاءة ((δεινός(داينوس) الرهيبة ((σαρο (سوروس). وقد أصبحت اليوم الأحافير العظمية لهذه المخلوقات كنزا جيولوجيا تزدهي به واجهات عديد المتاحف في مختلف بلدان العالم بما في ذلك متحف "ذاكرة الأرض" بولاية تطاوين بالجنوب التونسي، حيث كان لاكتشاف أحافير هذه الزواحف الضخمة بشننى والدويرات وغمراسن وقع كبير على الأهالي الذين لم يكونوا يتوقّعون أن تخرج من رمال الصحراء التي يطئونها بأقدامهم ويعيشون بين كثبانها رسالة من الماضي السحيق على شكل مستحثات عظام وأسنان كركارودونتوزوروس (Carcharodontosaurus saharicus)، هذا الديناصور اللاحم الذي يُطلق عليه اسم "السحلية بأسنان القرش"، والذي دلّت مستحثاته على كبر حجمه، وبيّنت طوله الذي تراوح بين 8 و14 مترا، ووزنه ما بين 7 و8 أطنان. كما لم يتوقّع أهالي الجنوب التونسي، أن يكون ما اعتقدوه غضونا متعرّجة في الصخور الرملية، آثار خطوات متحجّرة لسبينوزوروس ( (Spinosaurus Aegypticus‏أو "السحلية الشائكة"، هذا الديناصور الضخم، قوي الفكّين وحادّ الأسنان، والذي يقتات على غيره من الديناصورات ضئيلة الحجم والأسماك الكبيرة التي كانت تزخر بها هذه المنطقة الصحراوية الحالية، ويصل طوله إلى 18 مترا ويزن 4 أطنان، ويتميّز بوجود شراع من الأشواك العظمية على ظهره والتي يصل طولها إلى 1.8 متر. كما كشفت الرمال بقايا الاغوانودون (Iguanodon)  أو "أسنان الإيغوانا" التي كانت ترقد بسلام مختفية تحت الكثبان، إلى أن نفضت عنها البعثات العلمية غبار التاريخ، وكشفت النقاب عن هذا الديناصور العاشب الذي بلغ طوله 9 أمتار، وقدّر وزنه بحوالي 4 أو 5 أطنان، والذي يمشي على أربعة أقدام ويستطيع الوقوف على قدمين ليتناول أوراق الأشجار، ويعيش في شكل قطعان قرب السباخ التي كانت في تلك الحقبة منتشرة في هذه المنطقة.
ولئن كان عمر الإنسان يقدّر بآلاف السنين، فقد سادت الديناصورات الأرض حوالي 170 مليون سنة، بدءاً من العصر الثلاثي المتأخر (أو العصر الترياسي Triassic Period أي قبل 230 مليون سنة) حتى نهاية العصر الطباشيري (الكريتاسي Cretaceous period أي منذ 65 مليون سنة)، وحسب عديد النظريات العلمية اندثرت هذه المخلوقات العملاقة تماما مع نهاية العصر الطباشيري أي منذ حوالي ‏65‏ مليون عام. ولئن تعدّدت تفسيرات العلماء حول سبب هذا الاندثار الفجائي والشامل، فقد سادت نظرية علمية تبنّت فرضية اصطدام نيزك ضخم بالأرض، انجرّ عنه انتشار الغبار الذي حجب ضوء الشمس لسنوات عديدة، وأحدث سلسلة طويلة من الزلازل المدمّرة، والانهيارات الأرضية القارية، واندفاع أمواج المدّ البحري، مما عرّض النظم البيئية البريّة والبحرية للتدمير، باستثناء النزر القليل الذي تمكّن من التأقلم. ومع انقراض الديناصورات أخذت أنواع جديدة في الظهور وعادت الحياة تدريجيا إلى الأرض، إلى أن ظهر الإنسان، وفي رحلته المعرفية والفكرية ليحدّد مكانته في الكون، تعثّر بمستحثات ديناصور، الشيء الذي جعله يعيد النظر في حجمه الحقيقي، وفي احتمال مواجهته لنفس مصير الديناصورات.‏

هناك تعليق واحد:

  1. شكرا على ها الكم الهئل من المعلومات والمعطيات اود ان استفسر عن اين نجد عظام الديناصورات في المناطق الشمالية مثلا عندنا في الجزائر منطقة الغرب

    ردحذف

يوم الشريط الوثائقي التونسي 30 مارس 2024 بمدينة العلوم بتونس

  انطلاقا من دورها في المساهمة في تطوير ونشر الثقافة العلمية والتكنولوجية، وفي إطار برنامجها السنوي لعام 2024، وانطلاقا من أهمية الأشرطة الو...