24.12.10

التمساح والطفل

يحب الفلاسفة اليونانيون رواية هذه القصة حول التمساح الذي أمسك يوما بطفل وقال لأمه:
التمساح: هل سآكل طفلك؟ كوني صادقة في إجابتك وسأعيده لك سالما.
الأم باكية: آه، آه أنت ستأكل طفلي.
التمساح: ما العمل؟ إذا أعدت لك طفلك، تكونين قد كذبت، ويكون علي حينها أن ألتهم الطفل. ولكن لو التهمته، تكونين حينها قد قلت الصدق، ويكون علي حينها أن أعيد لك الطفل سالما.
أصبح ذهن التمساح مشوشا إلى درجة أنه ترك الطفل يعود سالما لأمه، التي احتضنته وهربت مسرعة.
التمساح: تبا، فقط لو أنها قالت بأنني سأعيد لها الطفل، لكنت قد استمتعت بوليمة فاخرة.
فلنعاين بانتباه أكثر هذه المفارقة الشهيرة. لقد قالت هذه المرأة الذكية للتمساح "أنت ستأكل طفلي" ومهما فعل التمساح فإن ذلك سيكون مخالفا لوعده. فلو يعيد الطفل، تكون المرأة قد قالت كذبا، مما يعطيه الحق في التهامه، ولو أكل الطفل، تكون المرأة صادقة ويكون عليه حينها أن يعيد الطفل لأمه سالما. لقد أطبق على هذا التمساح فخ المفارقة المنطقية حيث لا يمكنه الهرب من دون أن يناقض نفسه.
ولنفترض مثلا بأن المرأة قالت "أنت ستعيد لي طفلي". عندها يمكن للتمساح إما أن يعيده أو أن يأكله، وفي كلتا الحالتين لا يناقض نفسه. فلو يطلق سراحه، تكون المرأة صادقة والتمساح يكون عندها قد وفى بوعده. ولكن، لو أراد التمساح أن يكون شريرا، يمكنه أن يأكل الطفل، الشيء الذي يجعل قول المرأة كاذبا ويسمح للتمساح بعدم إعادة الطفل.
سـحـر الـمـفـارقـات، مارتن غاردنر، ترجمة وتقديم روضة السالمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يوم الشريط الوثائقي التونسي 30 مارس 2024 بمدينة العلوم بتونس

  انطلاقا من دورها في المساهمة في تطوير ونشر الثقافة العلمية والتكنولوجية، وفي إطار برنامجها السنوي لعام 2024، وانطلاقا من أهمية الأشرطة الو...